أساسيات الإدارة الفندقية.. تحسين الدِّراية لخدمة مستدامة
إم إيه هوتيلز – خاص
يرجع مفهوم الضيافة أو الفندقة منذ عصور وحضارات قديمة، وقد دعت وجودها الحاجة إلى التوقف والراحة لطلب خدمات الطعام والشراب والنوم، أثناء رحلات السفر الطويلة، أي أنَّ الفندقة لم تكُن مجالا للاستقرار، بل كانت مهمة لتقديم خدمات ضرورية وفي إطار أدنى الحدود. إذ أنّ الفندقة واحدة من المجالات التي كانت ضرورة للمرتحلين، وخدمة على هامش حياة المسافر، لا سيَّما وأنَّ بعض المعتقدات الغريبة كانت ترى المُسافر وكأنَّه شخص يحمل الروح الشرير، صاحب الأذى والضرر، فكانت فكرة إنشاء استراحة للمسافرين وسيلة لمنع وقوع مأساويات، ومن هنا باتت ضروريتها.
تطوَّر الفندق من كونه ملجئًا للأغراب وأصحاب السُبل الطويلة، نحو تطور في تقديم الخدمة، وتحسين الشكل والبناء، واختيار المواقع، فتحسَّن المفهوم عنها، إلى أن صارت، منظومة ذات إدارة وعاملين، وعلم متخصص له مجال وأداء، يسعى نحو استدامة وتحديث.
ماذا تعني الإدارة الفندقية؟
تُعرَّف الفنادق على أنّها تلك المُنشآت التي تُوفّر أماكن للسكن، والنوم للناس بشكلٍ عام، والزوّار بشكلٍ خاص، إلى جانب العديد من الخدمات الأخرى. لكن تعني الإدارة الفندقية أو “Hotel Management” مجا يشمل الإشراف على الأداء المالي، خدمات النزلاء، والتنسيق بين الأقسام لضمان الكفاءة ورضا العملاء، مع تطوير استراتيجيات لتحسين الأداء والربحية. إذ تكتسب الإدارة الفندقية أو تخصص الفندقة أهمية خاصة، وأثر كبير وواضح على القطاع السياحي، وسوق العمل المحلي والعالمي.
تخصص الإدارة الفندقية
هو مفهوم أوسع واشمل من الوظيفة ذاتها إذ يعني تخصص إدارة الفنادق – أكاديميًا – دراسة كل ما يتعلَّق بالمؤسسات التي تتعامل مع الزوار والسيَّاح مثل شركات الطيران، والفنادق، والمنتجعات السياحية، والمطاعم الدولية، والمستشفيات، والسفن البحرية، والمؤسسات الرسمية والعامَّة. إذ أنَّ المفهوم صار خدمة طائرة مُبحرة، ذي وظيفة على مستويات عدة في مجالات شتَّى، ألجأتها إليه الضرورة، لا سيَّما وأن هذا المجال ذا طابع دقيق وشديد الحساسية في كثير من الأمور.
الفرق بين الإدارة السياحية والإدارة الفندقية
الإدارة السياحية هي مجال يتناول دراسة وتطبيق نظريات متعلقة بمجال السياحة، حيث يركز على جوانب مثل الإرشاد السياحي، والتخطيط السياحي المستدام، والتواصل الفعال مع السياح من مختلف الجنسيات والثقافات. كما يشمل فهم العلاقات السياحية سواء على الصعيد البيئي أو التاريخي، مما يساعد في تقديم تجربة سياحية متكاملة ترتبط بتراث وثقافة الوجهات السياحية.
أما الإدارة الفندقية فهي تخصص يركز على جميع الجوانب المتعلقة بإدارة المنشآت السياحية مثل الفنادق والمنتجعات السياحية، بالإضافة إلى قطاع الطيران والمطاعم الدولية والسفن البحرية. يهتم هذا التخصص بتحقيق التميز في تقديم خدمات الضيافة، وإدارة العمليات اليومية بكفاءة لضمان راحة ورضا النزلاء، مع تعزيز الربحية والنمو المستدام لهذه المنشآت.
الوظائف الإدارية بالفنادق
المدير العام: الرئيس العام للفندق المسؤول عن أداء الفندق والإدارة المالية وضمان مستوى عالٍ من رضا العملاء.
مدير المكتب الأمامي: مسؤول عن إدارة مكتب الاستقبال والحجوزات وخدمات النزلاء.
مدير الأغذية والمشروبات: يشرف على عمليات الأطعمة والمشروبات في الفندق، بما في ذلك المطاعم والحانات والمآدب.
الشيف التنفيذي: المسؤول عن المطبخ والمسؤول عن تخطيط قوائم الطعام وإعداد الطعام ومراقبة الجودة.
مدير التدبير المنزلي: مسؤول عن الحفاظ على النظافة والنظام في جميع أنحاء الفندق ، بما في ذلك غرف الضيوف والأماكن العامة.
مدير المبيعات والتسويق: مسؤول عن الترويج للفندق وتوليد الأعمال من خلال استراتيجيات الإعلان والمبيعات والتسويق.
مدير الموارد البشرية: المسؤول عن تعيين وتدريب وإدارة موظفي الفندق.
منسق الحدث: يخطط وينسق الأحداث التي تقام في الفندق ، مثل المؤتمرات وحفلات الزفاف والمناسبات الاجتماعية الأخرى
مدير الإيرادات: يحلل البيانات لتحسين معدلات التسعير والإشغال لتعظيم الإيرادات.
مدير الصيانة: مسؤول عن صيانة البنية التحتية المادية للفندق والتأكد من أن جميع الأنظمة والمعدات تعمل بشكل صحيح.
نماذج الإدارة الفندقية
مملوك ومشغل من قبل القطاع الخاص: في هذا النموذج، يكون المالك مسؤولاً عن جميع جوانب التشغيل الفعلي للفندق، بما في ذلك توظيف الموظفين، وصيانة الأصول، وإدارة استراتيجية التسويق. يُدير المالك العمل بشكل مباشر، سواء كان فرداً أو مجموعة، ويتحمل المسؤولية الكاملة لتحقيق النجاح المالي والعملي للفندق.
مؤجر: في هذا النموذج، يؤجر مالك الفندق الأصول المادية لشركة أخرى تتولى كافة جوانب تشغيل الفندق. المالك يكتفي بتحصيل الإيجار، دون أن يكون له دور في إدارة العمليات اليومية، مما يجعله غير متورط في الأنشطة التشغيلية أو الإدارية.
الامتياز: يعتمد هذا النموذج على توقيع المالك اتفاقيات مع علامات تجارية للفنادق، ليتمكن من استخدام معايير العلامة التجارية وأنظمتها التسويقية. يدير صاحب الامتياز العمليات اليومية بنفسه مثل توظيف الموظفين، ويدفع رسومًا للعلامة التجارية. يشمل هذا النموذج فنادق مثل هامبتون وهوليداي إن.
مُدار: في الفنادق المدارة، يتعاقد المالك مع شركة إدارة تتولى المسؤوليات التشغيلية بالكامل، من التوظيف إلى التسويق. تتعامل شركة الإدارة مع جميع جوانب العمليات اليومية، وعادة ما تحصل على نسبة من الإيرادات كمكافأة على تحسين أداء الفندق وتحقيق الأرباح.
أساسيات الإدارة الفندقية الذكية
الاستفادة من التكنولوجيا في الفنادق تعزز تجربة النزلاء وتزيد الكفاءة التشغيلية. من خلال التكنولوجيا، يمكن تخصيص خدمات الضيوف مثل تفضيلات الغرفة واللغة، وتسريع عملية تسجيل الوصول والمغادرة عبر الأجهزة المحمولة أو الأكشاك. كما تمنح التكنولوجيا الضيوف القدرة على تخصيص إعدادات غرفهم والتحكم في وسائل الراحة بسهولة.
أما بالنسبة للموظفين والإدارة، أصحاب الكفاءة التقنية المصقولة بالتدريب المستمر والمهارات المتخصصة، تُسهم التكنولوجيا في تحسين الكفاءة من خلال الأتمتة، مثل إرسال الفواتير ورسائل البريد الإلكتروني التلقائية، مما يتيح لهم التركيز على مهام أكثر أهمية. بالإضافة إلى ذلك، تساعد أنظمة إدارة الطاقة في تقليل التكاليف وتحسين كفاءة النظافة والصيانة.
أدوات الإدارة الذكية للفنادق
1-إنترنت الأشياء Internet of Things (IoT)
الأجهزة والمستشعرات المتصلة مثل مستشعرات الضوضاء والدخان وكاشفات الحركة تسمح للفنادق بمراقبة الأنشطة داخل الغرف مع الحفاظ على الخصوصية. تتيح أدوات التحكم الذكية في الغرف التحكم في الإضاءة والتدفئة وتكييف الهواء والطاقة، ويمكن إدارتها عبر لوحة مركزية واحدة لتبسيط العمليات. بالإضافة إلى ذلك، توفر هذه الأنظمة بيانات في الوقت الفعلي حول استهلاك الطاقة، مما يساعد على تحسينه بناءً على الإشغال والموسمية وتفضيلات الضيوف.
2-منظومة ذكاء اصطناعي Artificial Intelligence
المساعدون الافتراضيون وروبوتات الدردشة الموجودة على مواقع الفنادق أو التطبيقات المحمولة يمكنها الرد على استفسارات الضيوف الفورية مثل “كلمة مرور Wi-Fi” أو “طلب تسجيل خروج متأخر”، مما يقلل من ضغط العمل على الموظفين. كما يساعد التعلم الآلي الفنادق على تحليل تقييمات الضيوف واستطلاعاتهم لاكتشاف العوامل التي تؤثر على تجربتهم. أيضًا، تستخدم أنظمة إدارة الإيرادات التحليلات التنبؤية لتقديم توصيات تسعير استنادًا إلى توقعات الطلب.
3-منصات التجربة الرقمية Digital guest experience platforms
تتيح منصات التجربة الرقمية للضيوف إتمام إجراءات تسجيل الوصول والدخول إلى غرفهم عبر الهاتف المحمول باستخدام تقنية Bluetooth التي تعتبر أكثر أمانًا من بطاقات المفاتيح التقليدية. كما توفر هذه المنصات تحكمًا كاملاً في الموسيقى، التلفاز، الإضاءة، والتحكم في المناخ بالغرف عبر الهاتف، بالإضافة إلى تقديم خدمات الكونسيرج الرقمية، بما في ذلك التوصيات المحلية وحجز المطاعم والتذاكر.
تحديات الإدارة الفندقية ومستقبل مأمول
يواجه أصحاب الفنادق العديد من التحديات عند دمج التكنولوجيا الذكية في مرافقهم، بدءًا من مخاوف الخصوصية وأمن البيانات. يزداد استخدام التكنولوجيا في الفنادق، مما يؤدي إلى ظهور فرص أكبر لمشكلات الخصوصية وانتهاكات الأمان. وبالتالي، يصبح من الضروري تبني ممارسات أمان صارمة لحماية بيانات الضيوف. بالإضافة إلى ذلك، تواجه الفنادق القديمة صعوبات في دمج التقنيات الحديثة مع أنظمتها القديمة، مما يتطلب في بعض الأحيان إعادة هيكلة كاملة للبرامج الموجودة. كما أن تدريب الموظفين على استخدام الأنظمة الجديدة يعد أمرًا حيويًا، حيث أن اعتمادهم على التكنولوجيا يعد شرطًا أساسيًا لتسهيل عملية التكيف والتفاعل الإيجابي مع الضيوف.
يتجه مستقبل الفنادق الذكية نحو المزيد من التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، مما يفتح آفاقًا جديدة لتحسين تجربة الضيوف وتسهيل العمليات. من المتوقع أن تتيح هذه التقنيات تخصيص تجارب الضيوف بشكل أكبر، بناءً على تفضيلاتهم وسلوكياتهم. بالإضافة إلى ذلك، سيساهم التركيز على الاستدامة في دمج ممارسات صديقة للبيئة، مثل تقليل استخدام المواد الاستهلاكية وتحسين العمليات لتقليل البصمة البيئية. مع تطور التكنولوجيا، يمكن أن تصبح الفنادق أكثر كفاءة وفاعلية في تقديم الخدمات.
ختامًا، لا تقتصر فوائد التكنولوجيا الذكية على تعزيز تجربة النزلاء فحسب، بل تشمل أيضًا تحسين العمليات التشغيلية، وتفعيل الأدوات الذكية، بما يخدم الإدارة والنزلاء، ومن ثمَّ يكون هناك أثرًا ملموسًا يوفر الوقت والجهد للضيوف. فيصير تعزيز الدمج التكنولوجي تحقيقًا لمستوى أعلى من الخدمة وتقديم تجربة فريدة تُلبي شتِّى توقُّعات الضيوف المتزايدة في أجواء مُستدامة.