لماذا تفشل بعض الفنادق الجديدة رغم التصميم الحديث؟
إم إيه هوتيلز – خاص
في مشهد الضيافة المتجدد، لا يخلو العام من افتتاح فنادق حديثة بتصاميم مذهلة، مساحات مدروسة، ومرافق عصرية، لكن المفاجأة أن عددًا منها يُغلق أبوابه في غضون عامين أو أقل.
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: كيف يمكن لمنشأة حديثة، بموقع مميز، وتجهيزات على أعلى مستوى، أن تفشل بهذه السرعة؟ وهل التصميم المعماري، مهما بلغ من حداثة، كفيل بإنجاح المشروع في سوق تنافسي ومعقّد مثل سوق الضيافة؟
التصميم لا يصنع الهوية التشغيلية
يُعد التصميم المعماري أحد عناصر الجذب البصري، لكنه لا يصنع بمفرده هوية الفندق، ولا يُلبي حاجات الضيف إلا على مستوى الانطباع الأول. كثير من المشاريع الفندقية تولي اهتمامًا بالغًا بجماليات اللوبي، تنسيق الغرف، أو الاستعراض البصري للمطاعم، لكنها تغفل عن بناء هوية واضحة للتشغيل، أو فهم دقيق لرحلة النزيل داخل المكان.
الفنادق الناجحة لا تُبنى فقط بالحجر والضوء، بل بالقرارات التشغيلية، تجربة الخدمة، ووضوح العلامة. الضيف لا يعود بسبب الرخام أو الإضاءة فقط، بل بسبب تفاعل بشري أصيل، وسلاسة في التفاصيل، واتساق بين الوعد البصري والتنفيذ الفعلي.
غياب الدراسة السوقية الدقيقة
من أكثر أسباب الفشل شيوعًا هو تجاهل التحليل العميق للسوق قبل إطلاق الفندق. بعض المشاريع تُبنى استنادًا إلى عاطفة التصميم، أو التقليد النمطي لفنادق أخرى، دون أن تُحدّد بدقة من هو الضيف المستهدف، وما الذي يُميّز الفندق في بيئته المباشرة، وكيف ستتم مواءمة السعر مع القيمة.
قد يُبنى فندق فاخر في منطقة لا تستوعب إلا الفنادق الاقتصادية، أو تُنفق ميزانية التسويق على شرائح لا تتفاعل رقميًا، أو يُصمّم الفندق لمنظور عمراني عصري بينما الضيوف المستهدفون ينتمون إلى أنماط محافظة وتوقعات تقليدية.
مشكلات الإدارة وغياب الخبرة التشغيلية
كثير من المستثمرين في قطاع الفنادق يدخلون المجال من بوابة العقار أو التصميم، دون وجود خبرة تشغيلية فندقية حقيقية. وغالبًا ما يتم تفويض إدارة الفندق إلى فرق تفتقر إلى الأدوات الحديثة، أو لا تملك خبرة في التعامل مع توقعات الضيوف المتغيرة، ولا في إدارة النفقات التشغيلية باحترافية.
في بعض الحالات، لا تُوضع معايير قياس أداء حقيقية، ولا تُتابَع الشكاوى أو التقييمات الرقمية، ويغيب التفاعل المهني مع الضيف قبل الوصول وبعد المغادرة. كل ذلك يؤدي إلى فجوة تتسع بسرعة بين الصورة التي يظهر بها الفندق، والتجربة التي يعيشها النزيل.
ضعف التسويق الرقمي وعدم مواكبة القنوات الحديثة
التصميم الجميل لا يُروّج لنفسه. عدد من الفنادق الجديدة يفشل في بناء حضور رقمي فعال، أو يُركّز على قنوات قديمة لا تُناسب سلوك المستخدمين في 2025. قد يفتقر الفندق لموقع إلكتروني قابل للحجز المباشر، أو لا يستخدم المنصات العالمية بطريقة مهنية، أو يُهمل التفاعل مع التقييمات والتعليقات.
حتى أجمل الفنادق لا يُمكنها جذب الضيوف إن لم تكن مرئية في نتائج البحث، حاضرة على خرائط السفر، ومتجاوبة مع الضيوف بلغتهم وسلوكهم الرقمي.
تجاهل التكنولوجيا التشغيلية الحديثة
الفنادق الحديثة التي تُبنى دون بنية تقنية واضحة تُواجه صعوبات في التشغيل منذ اليوم الأول. فغياب نظام إدارة PMS متكامل، أو عدم وجود بوابة دفع إلكتروني فعالة، أو التعامل مع الحجوزات يدويًا، كلها عناصر تُضعف الكفاءة، وترفع معدل الخطأ، وتُسيء إلى تجربة الضيف.
كذلك فإن النزلاء اليوم يتوقعون خدمات غير تلامسية، سهولة في تسجيل الوصول والمغادرة، وربطًا مباشرًا بين تطبيق الهاتف وخدمات الغرف. وعندما تُصمّم منشأة بتجهيزات فاخرة دون أن تتكامل مع أدوات رقمية تشغيلية، فإنها تُقدّم نصف تجربة فقط.
الفرق بين فندق يُخطط لتجربة كاملة وآخر يُركّز على الواجهة
الفندق الذي يُبنى بخطة تشغيلية متكاملة، تتضمن تحليل السوق، تصميم تجربة الضيف، بناء الهوية التسويقية، واختيار فريق التشغيل المناسب، يكون قادرًا على تجاوز التحديات وتحقيق ربحية مستدامة.
أما الفندق الذي يُركّز على “الشكل دون الجوهر”، أو يعتقد أن التصميم هو كل شيء، فيكتشف سريعًا أن الضيافة هي فن إدارة التفاصيل اليومية، وليس استعراضًا معمارياً فقط.
تساؤلات المستثمرين.. هل تبدأ من التصميم أم من الضيف؟
السؤال الجوهري لأي مشروع فندقي لا يجب أن يكون: كيف سيبدو الفندق؟ بل: من سيعيش فيه؟ وماذا يريد؟ وكيف يُمكن أن نُصمّم له تجربة تُلامسه فعليًا وتجعله يعود؟
التصميم مطلوب ومهم، لكن بدون تشغيل محترف، وبنية تسويقية، وخدمة متّسقة، لا يُمكن لأي تصميم أن يُبقي الفندق مفتوحًا أو ناجحًا على المدى الطويل.
اقرأ أيضًا: استراتيجية اختيار الأثاث الفندقي.. التصميم في خدمة التجربة




