المدونة

NPS.. ما الذي يكشفه صافي نقاط الترويج عن أداء الفندق؟

NPS.. ما الذي يكشفه صافي نقاط الترويج عن أداء الفندق؟

94 Views

NPS.. ما الذي يكشفه صافي نقاط الترويج عن أداء الفندق؟

إم إيه هوتيلز – خاص

في صناعة الضيافة المتجددة التي تتسارع فيها معايير التقييم، لم يعد رضا النزيل مجرد مكافأة جانبية، بل بات مرآة دقيقة لاحترافية الفندق وقدرته على الوفاء بتوقعات ضيوفه. ومن بين الأدوات التي أحدثت تحولًا كبيرًا في تحليل هذه التجربة، يبرز صافي نقاط الترويج أو ما يُعرف بـ NPS، باعتباره مؤشرًا يكشف مستوى ولاء الضيف، ومدى استعداده لتوصية الآخرين بالفندق.

فما أهمية هذا المؤشر تحديدًا؟ وكيف ينعكس على العمليات التشغيلية اليومية، وعلى سمعة الفندق في بيئة رقمية لا ترحم الأخطاء؟

مبدأ NPS.. مقياس صغير يكشف الكثير

تقوم آلية NPS على طرح سؤال واحد على الضيف بعد انتهاء إقامته.. “ما مدى احتمالية أن توصي بهذا الفندق لصديق أو زميل؟”
ورغم بساطة هذا السؤال، إلا أن إجابته تفتح نافذة واسعة لفهم تجربة النزيل بأكملها، من لحظة الحجز حتى تسجيل المغادرة.

عند تحليل الردود، يمكن تصنيف الضيوف إلى ثلاث فئات.. هناك من يُظهر حماسة مطلقة ويعطي تقييمًا بين 9 و10، وهؤلاء يُعرفون بالمروجين، وهم سفراء الفندق غير الرسميين. ثم تأتي فئة الوسط الذين يمنحون تقييمًا بين 7 و8، وغالبًا ما يكونون راضين دون أن يتحولوا إلى مؤيدين فعليين. أما الفئة الثالثة، التي تمنح تقييماً أقل من 7، فهي فئة المنتقدين، وغالبًا ما يكون لديها ملاحظات جوهرية على جودة الإقامة أو مستوى الخدمة.

ماذا يكشف هذا الرقم عن الفندق؟

الرقم المجرد ليس هو الغاية.. بل ما يكشفه من خلفيات وتجارب متراكمة. فالفندق الذي يسجل NPS مرتفعًا يعكس انسجامًا بين ما يُروّج له وبين ما يقدمه فعليًا.. بدءًا من البنية التحتية، إلى طاقم العمل، إلى التجربة الرقمية، وصولًا إلى التفاصيل الصغيرة مثل وقت الاستجابة أو نظافة المرافق.

وعلى العكس، عندما ينخفض المؤشر، فهذا لا يعني فقط وجود خلل ما، بل يشير غالبًا إلى خلل مستمر لم يُعالَج، ويؤثر على قدرة الفندق في جذب الزوار الجدد أو الاحتفاظ بالعملاء السابقين.

كيف تتجلى انعكاسات NPS على السمعة؟

من الواضح أن المروجين ليسوا مجرد ضيوف.. بل هم روافع فعلية للعلامة التجارية. تجربة إيجابية واحدة تتحول إلى مراجعة مكتوبة، أو منشور على وسائل التواصل، وربما توصية شخصية. وفي عالم يقوم على تقييمات Trivago والتعليقات الفورية، تصبح هذه التوصيات أكثر تأثيرًا من أي إعلان مدفوع.

في المقابل، الضيوف غير الراضين لا يكتفون بالمغادرة الصامتة. بل يعبّرون عن استيائهم، ويشرحونه تفصيلًا، وقد يكون ذلك في لحظة ذروة اهتمام لدى ضيف محتمل. من هنا تأتي أهمية الإنصات المبكر، والتفاعل مع تعليقات المنتقدين قبل أن تتسع فجوة الثقة.

هل هناك علاقة بين NPS وباقي مؤشرات الأداء؟

نعم.. العلاقة وثيقة أكثر مما يتصور البعض. فالفنادق ذات NPS مرتفع غالبًا ما تشهد نسب حجز متكررة أعلى من غيرها، كما يطول متوسط مدة الإقامة، ويزداد حجم الإنفاق داخل الفندق على المطاعم، أو السبا، أو الخدمات الترفيهية. في حين أن الفنادق التي تعاني من تراجع مستمر في NPS تلاحظ أثرًا مباشرًا على إشغالاتها، وعلى الإيرادات غير المباشرة.

من ناحية أخرى، فإن تحليل نتائج NPS يتيح لإدارة الفندق فهم أداء الفرق التشغيلية المختلفة، مثل قسم الاستقبال أو التدبير المنزلي أو الأغذية والمشروبات. ومن خلال هذه الرؤية المتقاطعة، يمكن اتخاذ قرارات دقيقة بشأن التدريب، أو تحسين الإجراءات، أو تطوير الخدمات.

ماذا تفعل الفنادق الذكية بنتائج NPS؟

الفنادق المتقدمة لا تكتفي بجمع البيانات.. بل تبني عليها قرارات استراتيجية. فهي تربط نتائج NPS بأنظمة إدارة علاقات العملاء، وتستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنماط المتكررة، سواء في المديح أو في الشكاوى. وبذلك، لا يتم فقط تعديل خدمات معينة، بل يُعاد تصميم التجربة بأكملها بما يتوافق مع ملاحظات الضيوف الفعلية.

بعض الفنادق تستخدم هذه البيانات أيضًا لتخصيص العروض، أو لترتيب أولويات الاستثمار.. فتبدأ بتحسين الغرف الأكثر ذكرًا في الشكاوى، أو بتوسيع الخدمات التي تلقى أعلى معدلات التوصية.

مقارنة شاملة بين الفنادق التي تتبنى NPS وتلك التي لا تعتمده

حين نقارن بين فندق يعتمد على NPS بفعالية، وآخر لا يولي هذا المؤشر أهمية، نجد فروقًا جوهرية. في الفندق الأول، تبدأ رحلة الضيف بتجربة رقمية احترافية، تليها عملية تسجيل وصول سلسة، وخدمة متجاوبة، واهتمام شخصي بالتفاصيل. أما في النموذج التقليدي، فيُلاحظ أن الشكاوى تتكرر، ولا توجد آلية واضحة لقياس الرضا أو تطوير الأداء.

في الفندق الذكي، يُنظر إلى كل تعليق على أنه فرصة للتطور، بينما في النموذج الآخر، يُتعامل مع النقد كمجرد إزعاج يجب تجاوزه. وبمرور الوقت، تظهر الفوارق في السمعة، في نسب الإشغال، وفي الولاء الحقيقي.

تساؤلات متداولة بين الإدارات.. هل NPS مناسب لجميع الفنادق؟

يعتقد البعض أن NPS لا يناسب إلا الفنادق الكبيرة أو ذات السلاسل العالمية، لكن التجربة تثبت العكس تمامًا. فحتى الفنادق الصغيرة يمكنها الاستفادة منه بطريقة مرنة، دون الحاجة لتكلفة مرتفعة. المهم هو الالتزام بالقياس المستمر، والشفافية في التحليل، والجرأة في التغيير.

هناك من يتساءل أيضًا.. هل تؤثر التقنية على الطابع الإنساني في العلاقة بين الفندق والنزيل؟ والإجابة أن NPS لا يُقصي البعد الإنساني، بل يُعزّزه. إذ تمنح التقنية للفريق البشري أدوات تساعده على تقديم خدمة أكثر تخصيصًا، وأكثر استجابة.

كما يُطرح أحيانًا تساؤل آخر.. ماذا نفعل إذا انخفض المؤشر فجأة؟ في هذه الحالة، لا بد من إجراء مراجعة داخلية شاملة، تبدأ من ملاحظات الضيوف، مرورًا بمراقبة العمليات، وصولًا إلى مراجعة جودة الاتصال والتفاعل، سواء عبر الإنترنت أو على أرض الواقع.

اقرأ أيضًا: من النزلاء إلى المؤثرين.. كيف تستخدم الفنادق NPS لتوسيع قاعدة المعجبين؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى