Yield Management.. كيف ترفع الإيرادات دون زيادة الأسعار؟
إم إيه هوتيلز – خاص
في بيئة تنافسية لا تعرف التوقف، تواجه الفنادق تحديًا مزدوجًا: كيف تحقّق أعلى إيراد ممكن من الغرفة دون أن ترفع السعر وتخسر الضيف؟ الجواب يأتي عبر علم دقيق يُعرف باسم Yield Management، وهو ليس مجرد أداة تسعير، بل فلسفة كاملة لإدارة الإيرادات وفقًا للطلب، الوقت، وسلوك الضيوف.
الفنادق التي تتقن هذا المفهوم لا تبيع الغرفة بأعلى سعر، بل بالسعر الأنسب في التوقيت الأنسب للنزيل المناسب. النتيجة؟ إيرادات أعلى، إشغال أفضل، وسمعة تسويقية أكثر توازنًا. فكيف يُطبق هذا المفهوم عمليًا؟ وما الفارق بين فندق يطبقه باحتراف وآخر يعتمد على العشوائية أو الانطباع؟
من التسعير الثابت إلى الاستجابة الذكية للطلب
كان من المعتاد في الماضي أن يُحدّد الفندق سعرًا موحدًا للغرف بحسب الموسم أو فئة الخدمة. لكن هذا الأسلوب لم يعد فعّالًا في زمن تتقلب فيه أنماط الحجز كل ساعة، ويتصرف فيه النزلاء بطريقة غير متوقعة. هنا جاء Yield Management ليُعيد تعريف العلاقة بين السعر والطلب، من خلال تحليل البيانات الفعلية للحجوزات، ومراقبة سلوكيات الضيوف، وتحديد أفضل لحظة لبيع الغرفة بأعلى قيمة ممكنة.
هذا لا يعني رفع السعر دائمًا، بل على العكس، أحيانًا يُفضّل البيع بسعر أقل لتحقيق إشغال كامل، أو تقديم عروض ترويجية مؤقتة تُسهم في تعويض الفارق من خلال خدمات أخرى كالمطاعم أو الغرف الفاخرة.
البيانات هي البوصلة.. لا التخمين
النجاح في Yield Management يعتمد كليًا على جمع وتحليل البيانات الدقيقة. الفندق الذكي لا ينتظر نهاية الشهر لمراجعة الأرقام، بل يتابع لحظة بلحظة معدلات الإشغال، وتغيرات السوق، وأسعار المنافسين، وأنماط الحجز الفوري. هذه البيانات تُحوّل إلى قرارات فورية بشأن التسعير، شروط الإلغاء، الحد الأدنى لعدد الليالي، أو توقيت إغلاق فئة معينة من الغرف.
الفنادق التي تفتقر إلى هذه المنهجية تبقى أسيرة الحدس، وتخسر فرصًا ذهبية للربح لأنها لم تُعدّ نفسها لتعديل استراتيجيتها في الوقت المناسب.
متى تبيع؟ ولمن؟ وبكم؟.. أسئلة تحدد النتائج
Yield Management لا يتعلق فقط بتعديل السعر، بل بتحديد أولويات البيع. فمثلًا، هل من الأفضل بيع الغرفة لنزيل فردي بسعر مرتفع أم لمجموعة بعرض مخفّض ولكن إقامة أطول؟ هل نحجز الغرف عبر وكالات السفر التقليدية أم عبر الموقع المباشر الذي لا يقتطع عمولات؟ هل نفتح الحجز مبكرًا أم ننتظر لتحسين نوعية النزلاء؟
هذه الأسئلة تُجيب عنها الأنظمة الذكية المدعومة بخوارزميات متقدمة، والتي تُعيد ترتيب معادلة العرض والطلب بطريقة ترفع القيمة الكلية لكل غرفة، وليس فقط سعر الليلة.
الفرق بين فندق يُدير العائد وآخر يُلاحق الأرقام
الفندق الذي يطبّق Yield Management باحتراف يعرف متى يخفض السعر دون أن يبدو “رخيصًا”، ويعرف متى يرفعه دون أن يُفقد النزيل الثقة. هو فندق يُحافظ على صورته التسويقية، ويزيد الإيرادات دون الحاجة إلى عروض دائمة تُنهك العلامة.
أما الفندق الذي يُركّز على نسب الإشغال فقط، فقد يملأ الغرف بأسعار منخفضة طوال الوقت، لكنه يحقق عائدًا أقل بكثير مما كان يمكن تحقيقه. في هذا النموذج، تكون التكلفة التشغيلية أعلى من العائد، ويصعب تحقيق الربحية على المدى الطويل.
تساؤلات الإدارة.. هل هذا النموذج يُناسب جميع الفنادق؟
بعض الإدارات تعتقد أن Yield Management يصلح فقط للفنادق الكبيرة أو ذات الطلب العالي، لكن الواقع أن هذه الاستراتيجية يمكن تكييفها لأي فندق، بشرط أن يكون لديه حد أدنى من البيانات، والمرونة في اتخاذ القرار. حتى الفنادق الصغيرة يمكنها الاستفادة من تعديل أسعارها وفقًا لأيام الأسبوع، أو المناسبات المحلية، أو تقلبات السوق.
النتائج لا تظهر فقط في الإيرادات، بل في تحسين سمعة الفندق، وضمان عدالة التسعير، وزيادة نسبة الحجوزات المباشرة. إنه أسلوب علمي لإدارة العرض لا يُكلف شيئًا بقدر ما يُعيد اكتشاف قيمة كل غرفة.
اقرأ أيضًا: أهمية إدارة الأسعار في تحسين الربحية





