الروبوتات في الضيافة.. هل يمكن أن تحل مكان موظفي الفنادق؟
خاص – إم إيه هوتيلز
بدأت الروبوتات تشق طريقها إلى الفنادق حول العالم، وصارت تؤدي مهامًا تقليديًا كانت حكرًا على العنصر البشري. من الاستقبال وخدمة الغرف إلى إعداد الطعام وتقديم المشروبات، أصبحت الروبوتات جزءًا من تجربة النزيل، الأمر الذي يطرح تساؤلًا جوهريًا:
“هل يمكن للروبوتات أن تحل محل موظفي الفنادق؟ أم أنها مجرد أدوات مساعدة ترفع من كفاءة الخدمة دون المساس بروح الضيافة البشرية؟”
السطور القادمة تسعى لإضافة عبارة جديدة أكثر إفادة وإلهامًا في هذا الموضوع، فكوْن الرُّوبوتات صارت واقعًا لا يعني ذلك مزيدًا من القلق، ولكنَّ هذا لا يفرض عدم متابعة الامر بالبحث والتحليل والاستكشاف..
ما الذي قد يحدث؟.. ما الذي يمكن للروبوتات تقديمه بالفعل؟
تُستخدم الروبوتات في الفنادق لأداء مهام متعددة، تتراوح من الرد على استفسارات النزلاء إلى توصيل المناشف والطعام إلى الغرف. على سبيل المثال، يستخدم فندق “Yotel” في نيويورك روبوتًا يسمى “YOBOT” لتخزين الأمتعة، بينما تعتمد سلسلة فنادق Aloft Hotels على روبوت يُدعى “Botlr” لخدمة الغرف والتوصيل التلقائي.
وفي اليابان، ذهب الأمر أبعد من ذلك مع فندق “Henn-na Hotel”، الذي يُدار بالكامل تقريبًا بواسطة روبوتات – من موظف الاستقبال إلى عامل التنظيف. يقدم هذا النموذج تجربة مختلفة بالكامل، قائمة على الأتمتة والذكاء الاصطناعي، ويهدف إلى تقليل التكاليف وتعزيز الكفاءة.
النموذجان الأكثر شهرة داخل سياق عملية الضيافة الروبوتية أو “Robotic Hospitality”، فتحا الباب في كثير من المضامين والمقالات نحو الحديث عن المُستقبل غير البشري في تنفيذ عملية الضيافة والفندقة، والتي لا شكل وأنَّ لها تأثيرات على جوانب السياحة والاقتصاد،.. وغيرها.
في دراسة نُشرت في دورية Tourism Economics (المجلد 26، العدد 7، 2019) بعنوان “Robots in tourism: A research agenda for tourism economics”، تناول الباحثان ستانيسلاف إيفانوف وكريغ ويبستر التأثيرات الاقتصادية لاستخدام الروبوتات في قطاع السياحة والضيافة.
فلقد أشارت الدراسة إلى أن اعتماد الروبوتات يُمكن أن يُقلل من فرص العمل التقليدية، خاصة في المهام المتكررة والبسيطة، مما يُثير مخاوف بشأن فقدان الوظائف البشرية. ومع ذلك، أوضح الباحثان أن هذا التحول يُمكن أن يُخلق فرص عمل جديدة في مجالات مثل صيانة الروبوتات وتطوير البرمجيات، مما يتطلب إعادة تأهيل وتدريب القوى العاملة الحالية للتكيف مع التغيرات التكنولوجية.
كما أبرزت الدراسة أن استخدام الروبوتات يُمكن أن يُحسن من كفاءة الخدمات ويُقلل من التكاليف التشغيلية، مما يُعزز من تنافسية الشركات السياحية. ومع ذلك، شددت على أهمية التوازن بين الأتمتة والحفاظ على العنصر البشري في تقديم الخدمات، خاصة في المهام التي تتطلب تفاعلًا عاطفيًا وتفهمًا لاحتياجات العملاء.
مزايا الروبوتات في قطاع الضيافة
تكمن أبرز مزايا استخدام الروبوتات في الفنادق في قدرتها على تقديم خدمات متكررة بكفاءة عالية، دون الحاجة إلى راحة أو إجازات. كما يمكن برمجتها لتقديم المعلومات بعدة لغات، ما يُساعد في كسر حاجز اللغة مع الضيوف الدوليين. فضلًا عن ذلك، تُقلل هذه التقنيات من وقت الانتظار وتحسّن من دقة تنفيذ المهام، ما ينعكس إيجابيًا على رضا النزلاء.
في ظل جائحة كوفيد-19، أثبتت الروبوتات فائدتها في دعم ممارسات التباعد الاجتماعي وتقليل الاتصال البشري، حيث استخدم فندق في “غوانزو”، الصين روبوتات لتوصيل الطعام وتوفير التعقيم الآلي للغرف والمناطق العامة.
هل يُمكن أن تحل مكان الإنسان تمامًا؟
رغم القدرات المتقدمة للروبوتات، لا يزال هناك حدود واضحة أمام استبدال العنصر البشري، خاصة في الجوانب العاطفية والتفاعلات المعقدة التي تتطلب فهمًا للسياق أو تعاطفًا إنسانيًا. فخدمة العملاء، خاصة في الفنادق الفاخرة، تعتمد على مهارات ناعمة يصعب برمجتها، مثل قراءة تعبيرات الوجه أو التعامل مع المواقف الطارئة بطريقة مرنة وودية.
تشير دراسة حديثة أجرتها Cornell University (2024) إلى أن 78% من النزلاء يفضلون التفاعل مع البشر عند التعامل مع مشكلات معقدة تتعلق بالإقامة. كما أظهرت الدراسة أن الروبوتات لا تزال تُستخدم في المهام الروتينية، بينما يُحتفظ بالتجربة الشخصية للموظفين البشريين.
المستقبل: تكامل لا استبدال
المستقبل لا يتجه نحو استبدال البشر بالروبوتات، بل نحو التكامل بين الطرفين. من المتوقع أن تُستخدم الروبوتات بشكل متزايد لتحسين الكفاءة وتوفير تجربة أكثر سلاسة للنزلاء، بينما يُركز البشر على تقديم الخدمة الشخصية وإدارة المواقف التي تتطلب ذكاءً عاطفيًا.
كما أن استخدام الروبوتات قد يُتيح للموظفين البشريين التركيز على المهام الإبداعية أو الاستراتيجية، ويُساعد في معالجة أزمة نقص العمالة التي يُعاني منها القطاع في العديد من الدول بعد الجائحة.
هل تحل الروبوتات مكان موظفي الفنادق؟
قد تُقلل الروبوتات من الحاجة إلى بعض الوظائف التشغيلية، لكنها لن تحل بالكامل مكان الإنسان في قطاع يعتمد بالأساس على التفاعل والعاطفة.
المستقبل يحمل تصورًا مشتركًا تتعاون فيه التكنولوجيا مع الإنسان لخلق تجربة ضيافة أكثر ذكاءً وكفاءة وإنسانية. والسؤال الحقيقي ليس “هل ستُستبدل الوظائف؟”، بل “كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعزز كفاءة الإنسان دون أن يُغيّب حضوره؟”..
الإجابة اليقينية والباتَّة في أيدي إدارة تتعامل بذكاء وعدالة وكفاءة لجميع الفرص، حينها ستكون الأسئلة أكثر تطورًا والإجابات على مستوى هذا التطوُّر الحاصل.
اقرأ أيضًا: دور الروبوتات في تحسين تجربة النزلاء داخل الفنادق





