M A hotels | إم ايه هوتيلز

الموقع الأول للعاملين في الفنادق في العالم العربي

- M A hotels | إم ايه هوتيلز دور الضيافة المؤسسية الحديثة
المدونة

أهمية “دور الضيافة” المؤسسي.. بين التكامل الاجتماعي والتطور الرقمي

أهمية “دور الضيافة” المؤسسي.. بين التكامل الاجتماعي والتطور الرقمي

خاص – إم إيه هوتيلز

برزت “دور الضيافة” التابعة للمؤسسات كحلول مبتكرة تلبي احتياجات فئات متنوعة من المسافرين. هذه الدور، التي تُدار غالبًا من قبل جهات حكومية أو شركات كبرى، تقدم خدمات فندقية بأسعار معقولة وجودة مقبولة، مستهدفة موظفي المؤسسات، الزوار الرسميين، والباحثين عن إقامة قصيرة المدى.

في ظل التحولات المتسارعة في قطاع الضيافة، تأتي هذه “الدور” كنماذج قوية تؤتي ثمارها في تقديم خدمة للعدديد من الزائرين والوافدين والمغتربين، بما يحقق دور منوط يوازي الفنادق، بتكلفة تناسب الشرائح المختلفة، لا سيّما وأنَّها لا تقتصر على السيّاح فقط.

تاريخ الضيافة.. من التقاليد القديمة إلى صناعة عالمية
تُعد الضيافة من أقدم الممارسات الاجتماعية التي عرفتها البشرية، إذ نشأت في المجتمعات القديمة بوصفها قيمة أخلاقية ترتبط بالكرم، وتُمارس كواجب ديني وثقافي تجاه الضيوف، سواء كانوا من الأقارب أو الغرباء. ففي حضارات مثل السومرية والمصرية واليونانية، لعبت الضيافة دورًا كبيرًا في الحياة اليومية والدينية، حيث كانت تُقدم للزوار الطعام والمأوى والاحترام كجزء من الأعراف المجتمعية. وتظهر نصوص سومرية وأخرى فرعونية دلائل على وجود منشآت تشبه “بيوت الضيافة” مخصصة لاستقبال المسافرين والحجاج.

في السياق الإسلامي، ارتبطت الضيافة بقيم الكرم والوفادة، وقد كانت أحد أعمدة المجتمعات العربية قبل الإسلام، ثم رسّخها الدين الإسلامي كقيمة دينية واجتماعية. ووردت نصوص كثيرة في القرآن والحديث النبوي تؤكد أهمية الضيافة، منها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه” (رواه البخاري). وتُظهر كتب السيرة والتاريخ الإسلامي، مثل تاريخ الطبري والكامل في التاريخ لابن الأثير، أن القبائل العربية خصصت دورًا وأماكن لاستقبال الضيوف، كما أسهم الأنصار في المدينة المنورة بدورٍ محوري في استقبال المهاجرين، واعتُبر ذلك بداية منظمة لضيافة الوفود على أساس جماعي وديني.

مع تطور الحواضر الإسلامية، ظهرت منشآت مثل “الخانات” و”الرباطات” و”الزوايا” و”التكايا”، التي كانت تستقبل الزوار والحجاج والتجار، وتوفر لهم المأوى والطعام، خصوصًا على طرق القوافل. وقد تطورت هذه المرافق لاحقًا إلى نُزل ثم إلى فنادق حديثة كما نعرفها اليوم. ومع بدايات الثورة الصناعية وظهور المدن الحديثة في أوروبا، بدأت الضيافة تتحوّل إلى صناعة، مع افتتاح أول الفنادق التجارية في باريس ولندن في القرن السابع عشر. تطورت الصناعة لاحقًا لتصبح واحدة من أعمدة الاقتصاد العالمي، مدفوعة بالتحول الرقمي وسلوكيات السفر الجديدة.

أهمية “دور الضيافة” واستهدافها لفئات متنوعة
تُعد “دور الضيافة” من المرافق التي تُسهم في دعم منظومة الإقامة المؤسسية، وتُوفر حلولًا عملية وميسّرة للشرائح التي قد لا تستهدف الفنادق التجارية بالضرورة، مثل الموظفين، الأكاديميين، والضيوف الرسميين. وتُقدم هذه الدور نموذجًا فعالًا من حيث التكاليف والخدمات الأساسية، حيث تتوافر بها غالبًا خدمات السكن المؤقت، القاعات المشتركة، والإعاشة، ضمن بيئة تنظيمية مأمونة. العديد من الجهات الأكاديمية حول العالم.

في السياق العالمي، تُعد جامعة كامبردج البريطانية من أبرز الأمثلة على المؤسسات التي طوّرت نظامًا فعّالًا لدور الضيافة الجامعية. حيث توفر الجامعة عبر كلياتها المختلفة، مثل كلية سانت جونز وكلية ترينيتي، غرف ضيافة مجهّزة لاستقبال الأساتذة الزائرين والباحثين والشخصيات الرسمية. تتميز هذه المرافق بدمجها بين الراحة والخصوصية، وتُستخدم كأداة استراتيجية لتعزيز العلاقات الأكاديمية الدولية وتوفير بيئة تتيح للضيوف الانخراط في الحياة الجامعية دون الحاجة إلى اللجوء إلى الفنادق التجارية.

أما على الصعيد العربي، فتُعد دار الضيافة في جامعة الملك سعود بالرياض نموذجًا مشابهًا، حيث تقدم الجامعة مرافق ضيافة مخصّصة لأعضاء هيئة التدريس الزائرين، والوفود الرسمية المشاركة في المؤتمرات العلمية أو الندوات. تحتوي هذه الدور على أجنحة مزوّدة بكافة الخدمات الأساسية، مع قاعات استقبال وغرف طعام مشتركة. وقد أظهرت هذه التجربة فاعليتها في تخفيض تكاليف الاستضافة، وتوفير بيئة مؤسسية ملائمة تعزز من مكانة الجامعة كوجهة أكاديمية إقليمية.

إلى جانب الجامعات، تعتمد الجهات الحكومية والقطاعات العسكرية في كثير من الدول على “دور الضيافة” كمراكز إقامة استراتيجية. في السعودية على سبيل المثال، تُشرف جهات مثل وزارة الداخلية ووزارة المالية على إنشاء دور ضيافة مخصصة لكبار الزوار والموظفين في مهمات رسمية، ما يعكس تطور هذه الفكرة من مجرد مرفق سكني إلى منصة متكاملة تُعزز الأداء المؤسسي.

ووفق تقرير Global Hospitality Insights 2024 الصادر عن EY، فإن 18% من المؤسسات الحكومية في الشرق الأوسط بدأت بإعادة هيكلة خدمات الضيافة الداخلية لتصبح أكثر ذكاءً وكفاءة عبر اعتماد تقنيات الحجز الذاتي، والتحكم الذكي بالخدمات داخل الدور.

Maison des Hôtes.. نموذج ذكي للضيافة الفرنسية
وبالتوازي مع هذه التطورات، بدأت بعض دور الضيافة بالانفتاح على مفاهيم جديدة، مثل “الضيافة الهجينة” التي تجمع بين الطابع المؤسسي والتقنيات الرقمية.

ومن النماذج البارزة مشروع Maison des Hôtes في فرنسا، الذي أصبح منصة للإقامة المؤقتة للوفود الحكومية والباحثين، باستخدام نظام ذكي للحجز والإدارة، مع استهلاك طاقة منخفض بنسبة 35% عن المرافق التقليدية، بحسب تقرير وزارة التحول البيئي الفرنسية لعام 2024.

هذا النموذج يفتح الباب أمام تعميم التجربة في المدن الكبرى التي تشهد كثافة مؤقتة في الوفود والزوار، ويؤكد على أن دور الضيافة يمكن أن تكون رافدًا فعّالًا ومبتكرًا في قطاع الضيافة الحديث.

التحديات والفرص المستقبلية
رغم الفوائد العديدة، تواجه “دور الضيافة” تحديات تتعلق بالتحديث والتطوير لمواكبة التغيرات في توقعات النزلاء. فمع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في قطاع الضيافة، يصبح من الضروري دمج الحلول الرقمية مثل أنظمة الحجز الإلكتروني، وتوفير خدمات الإنترنت عالية السرعة، وتطبيقات الهواتف المحمولة التي تسهل تجربة النزلاء.

كما أن تحسين جودة الخدمات وتدريب الموظفين على معايير الضيافة الحديثة يُعد أمرًا حيويًا لضمان رضا النزلاء واستمرارية الإقبال على هذه الدور.

في الختام، تمثل “دور الضيافة” المؤسسية مكونًا مهمًا في منظومة الضيافة، حيث توفر حلول إقامة مرنة ومناسبة لفئات متعددة من المسافرين. ومن خلال الاستثمار في التحديث والتطوير، يمكن لهذه الدور أن تلعب دورًا أكبر في دعم الاقتصاد المحلي وتعزيز تجربة النزلاء.

اقرأ أيضًا: كيف يمكن للفنادق تعزيز تجربة الضيوف عبر التفاعل الرقمي؟

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *