استراتيجيات الفنادق الاقتصادية في مواجهة المنافسة مع منصات الإيجار البديلة
استراتيجيات الفنادق الاقتصادية في مواجهة المنافسة مع منصات الإيجار البديلة
استراتيجيات الفنادق الاقتصادية في مواجهة المنافسة مع منصات الإيجار البديلة
خاص – إم إيه هوتيلز
لم تعد الفنادق الاقتصادية مجرد خيار منخفض التكلفة، بل باتت تواجه تحديات شرسة، خاصة من منصات الإيجار البديلة مثل Airbnb وVrbo، التي تقدم تجارب محلية وشخصية تجذب جيلًا جديدًا من المسافرين. في سوق الضيافة سريع التحول، ومع تصاعد شعبية هذه المنصات عالميًا، كان لا بد للفنادق الاقتصادية من إعادة ابتكار استراتيجياتها لتضمن البقاء والمنافسة.
إعادة تعريف القيمة..فنادق اقتصادية
ليس السعر وحده
بينما تسوّق منصات الإيجار بمرونة التجربة والأسعار، بدأت الفنادق الاقتصادية في إعادة صياغة مفهوم القيمة، بالتركيز على عناصر مثل:
الضمان والجودة المتوقعة: على سبيل المثال، سلسلة فنادق Motel One الألمانية توفر غرفًا بتصميم عصري في مواقع مركزية مع ضمان نظافة وراحة متكررة لا تتوفر دائمًا في الإيجارات الخاصة.
تجربة رقمية سلسة: فندق citizenM، الذي يعمل بنظام الخدمة الذاتية بالكامل، يتيح للنزلاء تسجيل الدخول والخروج عبر التطبيق، واختيار نوع الغرفة مسبقًا، مما يضعه في موقع تنافسي أمام مرونة منصات الإيجار.
الهندسة التشغيلية الذكية
في مواجهة تكاليف التشغيل العالية، تبنّت سلاسل فنادق اقتصادية مفهوم “الفندق المصغر” (Micro-Hotel)، مثل ما تطبقه سلسلة Pod Hotels في نيويورك، التي توفر غرفًا صغيرة المساحة، لكنها مجهّزة بتقنيات حديثة ومساحات اجتماعية جذابة للنزلاء.
كما تعتمد العديد من هذه الفنادق على تقنيات ذكية لإدارة الطاقة، مثل مشروع Ecotourism in Scandic Hotels في السويد، الذي خفض استهلاك الطاقة بنسبة 30% عبر حلول رقمية مستدامة.
التحول نحو “الضيافة المجتمعية”
أدركت بعض الفنادق الاقتصادية أن تقديم تجربة محلية أصبح ضرورة. لذلك، نشأت مبادرات مثل شراكة فندق The Student Hotel مع متاجر ومقاهي محلية في مدن مثل أمستردام وبرشلونة، تربط النزلاء بالمجتمع المحيط وتقلل التكاليف التشغيلية. كذلك جولات “مشي مجانية” يقدمها فندق Selina في كولومبيا والمكسيك، بالتعاون مع مرشدين محليين، تمنح الضيوف تجربة تشبه Airbnb ولكن داخل بيئة فندقية منظمة.
المرونة في التسعير والتوزيع
أثبتت أنظمة التسعير الديناميكي فعاليتها، كما هو الحال مع فنادق Premier Inn البريطانية، التي تستخدم خوارزميات لتعديل الأسعار تلقائيًا بناءً على الطلب والتوافر، مما يمكّنها من منافسة أي عرض يظهر في منصات مثل Booking أو Airbnb.
أما من ناحية التوزيع، فقد بدأت الفنادق بتشجيع الحجز المباشر عبر برامج ولاء، كما تفعل سلسلة B&B HOTELS الفرنسية، التي تقدم خصومات خاصة وحجوزات مرنة عبر موقعها الرسمي، لتقليل الاعتماد على المنصات الوسيطة.
التخصيص والبيانات
تتفوق الفنادق على الإيجارات الفردية في القدرة على تحليل بيانات النزلاء. سلسلة ibis Budget التابعة لـ Accor، تستخدم تحليلات البيانات لتقديم عروض مخصصة بناءً على تاريخ إقامة الزبون، مما يعزز من فرص العودة وولاء العملاء.
وبينما تعتمد Airbnb على تقييمات المستخدمين فقط، تستطيع الفنادق الربط بين التقييمات وبيانات التشغيل الداخلية لاتخاذ قرارات فورية بشأن تحسين الخدمة.
التحديات التي لا تزال قائمة
رغم تنوّع وتطور الاستراتيجيات التي تتبناها الفنادق الاقتصادية لمواجهة منصات الإيجار البديلة، فإن التحديات تظل حاضرة بقوة، وأبرزها الضغط المتزايد على هوامش الربح. فالمنافسة السعرية المستمرة، خاصة مع عروض منصات مثل Airbnb التي توفر خيارات متعددة بأسعار مرنة، تضع الفنادق تحت وطأة الحاجة الدائمة لخفض التكاليف دون المساس بجودة الخدمة، وهو تحدٍ معقد في بيئة تشغيلية تعتمد على موارد ثابتة وطاقم عمل دائم.
إحدى أبرز ميزات المنصات البديلة تكمن في مرونتها الفائقة، حيث تستطيع خلال أيام فقط إضافة آلاف العقارات إلى قوائمها دون الحاجة إلى بنية تحتية أو التزامات تشغيلية طويلة الأمد. هذا النموذج يمنحها قدرة توسعية يصعب على الفنادق التقليدية مجاراتها، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بتوسيع رقعة الانتشار الجغرافي أو تنويع أنماط الإقامة المتاحة حسب الطلب.
ما على صعيد التحول الرقمي، فالفنادق الاقتصادية، رغم استثماراتها في التقنية، لا تزال تفتقر إلى الديناميكية التي تميز شركات التكنولوجيا التي تدير تلك المنصات. الفارق الزمني في تطوير المنتجات الرقمية، والتفاعل مع بيانات المستخدمين، والاستجابة الفورية للتغيرات السوقية، يفرض على الفنادق تبني عقلية أكثر مرونة وتكاملًا بين التكنولوجيا والتشغيل. ومع ذلك، تبقى للفنادق ميزة حاسمة تتمثل في الثقة والاعتمادية، حيث يفضل العديد من المسافرين—خصوصًا في رحلات العمل أو الإقامات القصيرة—الاعتماد على بيئة تشغيلية مستقرة، مدارة باحتراف، وتوفر دعماً فوريًا ومباشرًا.
نظرة نحو المستقبل
تشير الاتجاهات المستقبلية إلى تقارب بين النمطين: فنادق تتبنّى عناصر “التجربة المحلية”، ومنصات إيجار تسعى لفرض معايير جودة صارمة مثل الفنادق.
وقد بدأنا نرى نماذج هجينة مثل Zoku Amsterdam، وهو فندق يقدم غرفًا متعددة الاستخدامات أقرب إلى الشقق، مع خدمات فندقية عالية الكفاءة. كما بدأت بعض منصات مثل Airbnb في فرض متطلبات أمنية وخدمة شبيهة بالفنادق لجذب فئة المسافرين الباحثين عن الثقة.
في المحصلة، الفنادق الاقتصادية التي تستثمر في التكنولوجيا، وتبني تجربة ضيف مرنة ومخصصة، ستكون الأقدر على الاستمرار والمنافسة في سوق ضيافة يتغيّر كل يوم.
اقرأ أيضًا: استراتيجيات تسعير البوفيه المفتوح في المطاعم والفنادق