M A hotels | إم ايه هوتيلز

الموقع الأول للعاملين في الفنادق في العالم العربي

هل يستطيع موظف واحد أن يغير سمعة الفندق؟ دراسة في السلوك التأثيري
أخبار وملفات

هل يستطيع موظف واحد أن يغير سمعة الفندق؟ دراسة في السلوك التأثيري

إم إيه هوتيلز – خاص

في صناعة الضيافة، التي تقوم على المشاعر والانطباعات أكثر من الأبنية والمرافق،
يبرز سؤال جوهري يطرحه المديرون والخبراء: هل يمكن لموظفٍ واحدٍ فقط أن يُغيّر سمعة فندقٍ كامل، إيجابًا أو سلبًا؟
قد يبدو السؤال مبالغًا فيه للوهلة الأولى، لكن التجربة تثبت أن النزيل لا يتفاعل مع “الفندق” ككيانٍ مجرد، بل مع “الإنسان” الذي يمثل هذا الفندق أمامه.
فكل ابتسامةٍ صادقة، وكل نظرة احترام، أو على النقيض، كل إهمالٍ بسيط أو كلمةٍ غير موفقة، يمكن أن تصنع أثرًا ينعكس على الصورة العامة للمكان بأكمله.

في عالمٍ تحكمه التقييمات الفورية والمنصات المفتوحة، أصبح السلوك التأثيري للموظف عاملًا حاسمًا في تشكيل السمعة الرقمية لأي منشأة فندقية.
فبينما تستثمر الإدارات ملايين الريالات في الحملات التسويقية،
قد يُحدث موظف واحد بتصرفٍ صادق ما لا تفعله كل الإعلانات المدفوعة.

الموظف كمرآة للعلامة

يُعرّف خبراء الإدارة الفندقية السلوك التأثيري بأنه “القدرة الفردية على خلق انطباعٍ إيجابي مستدام يتجاوز اللحظة”.
إنه ليس سلوكًا عابرًا، بل موقفٌ يُترجم قيم الفندق وأخلاقياته في كل تفاعل مع الضيوف.
فالموظف هو أول من يلتقي بالنزيل وآخر من يودّعه،
وما بين هاتين اللحظتين، تتشكّل التجربة كلها.

تشير دراسة Hospitality Management Institute 2025 إلى أن 68٪ من تقييمات النزلاء عبر الإنترنت
تتضمن إشارات مباشرة إلى موظفٍ محدد بالاسم أو الصفة،
ما يعني أن الصورة الذهنية للفندق أصبحت مرتبطة بأداء الفرد لا بالمنشأة.
ومتى تكررت هذه الإشارات الإيجابية، تتحول إلى هوية مؤسسية يصعب تزويرها أو تقليدها.

السلوك الفردي كقوة مؤسسية

في زمن الذكاء الاصطناعي والتشغيل الذاتي، لا يزال “العامل البشري” هو الذي يمنح الضيافة روحها.
فالموظف الذي يتعامل مع النزيل كضيفٍ شخصي لا كعميل،
يخلق شعورًا بالدفء يصعب تقليده بالتكنولوجيا.
إن السلوك التأثيري لا يقوم على الخدمة فقط، بل على النية وراءها
على الإحساس الحقيقي بالرغبة في إسعاد الآخر دون مصلحة مباشرة.

وهنا تتضح الفكرة الجوهرية:
أن القوة التأثيرية للموظف لا تأتي من المنصب أو التعليمات،
بل من وعيه بدوره الإنساني كصانع تجربة ومهندس انطباع.

السعودية.. نموذج القيادة من القاعدة

في السوق السعودي، الذي يشهد تطورًا متسارعًا في معايير الضيافة ضمن رؤية 2030،
تقدّم التجربة المحلية نموذجًا فريدًا في تحويل السلوك الفردي إلى عنصرٍ استراتيجي في بناء السمعة.
فمنذ اللحظة الأولى التي يدخل فيها الزائر إلى أحد فنادق المملكة،
تستقبله مظاهر الدفء الفطري واللباقة الثقافية التي تميّز الشخصية السعودية.
هذا المزيج من الكرم الطبيعي والانضباط الاحترافي جعل من الموظف المحلي
واجهةً مشرقة للهوية الوطنية، وأداةً فعالة لبناء الثقة العالمية في الضيافة السعودية.

في فنادق مثل “الريتز كارلتون الرياض” و“العنوان مكة” و“فيرمونت جدة”،
تنعكس فلسفة “الاحتراف بالود” في كل تفاعل إنساني.
فالموظف لا يؤدي واجبه فحسب، بل يمثل ثقافةً كاملة تتحدث دون كلمات.
وهنا يصبح الفرد سفيرًا للمؤسسة والوطن في آنٍ واحد.

من التفاصيل اليومية تُصنع الأساطير

كم من قصةٍ انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدأت بتصرّفٍ بسيط؟
موظفٌ ساعد سائحًا على إيجاد دوائه،
أو عاملة غرفٍ تركت رسالة لطيفة بخط يدها،
أو حارسٌ أعاد محفظة مفقودة قبل أن يسأل أحد.
هذه المواقف الصغيرة التي لا تُخطط لها الإدارات،
هي التي تبني الجسر العاطفي بين الفندق والعالم.

ولذلك، تعمد الفنادق الكبرى اليوم إلى جمع القصص الإيجابية لموظفيها
ونشرها ضمن برامج “قصص الضيافة” أو “أبطال الخدمة”،
إيمانًا بأن السمعة لا تُكتب بالبيانات الصحفية بل بالمواقف الحقيقية التي تصنعها التفاصيل اليومية.

موظف سعودي يساعد نزيلًا بابتسامة صادقة في موقفٍ إنساني داخل الردهة

موظف سعودي يساعد نزيلًا بابتسامة صادقة في موقفٍ إنساني داخل الردهة
موظف سعودي يساعد نزيلًا بابتسامة صادقة في موقفٍ إنساني داخل الردهة

نزيل يدوّن تجربته الإيجابية في بطاقة تقييم بسبب تصرّف بسيط من أحد العاملين

نزيل يدوّن تجربته الإيجابية في بطاقة تقييم بسبب تصرّف بسيط من أحد العاملين
نزيل يدوّن تجربته الإيجابية في بطاقة تقييم بسبب تصرّف بسيط من أحد العاملين

فريق عمل فندقي يتعاون لتصحيح موقف طارئ يعكس روح المسؤولية الجماعية

فريق عمل فندقي يتعاون لتصحيح موقف طارئ يعكس روح المسؤولية الجماعية
فريق عمل فندقي يتعاون لتصحيح موقف طارئ يعكس روح المسؤولية الجماعية

علم النفس والعدوى العاطفية

يُفسّر علم النفس التنظيمي هذا الأثر الهائل بما يُعرف بـ “العدوى العاطفية”،
أي انتقال المشاعر من شخصٍ لآخر داخل بيئة العمل أو التجربة.
فالموظف الذي يتعامل بطاقةٍ إيجابية وسلوكٍ دافئ
ينقل تلك الحالة تلقائيًا إلى النزيل،
ما يجعله أكثر ارتياحًا واستعدادًا للتفاعل الإيجابي مع المكان.
وفي المقابل، يُمكن لسلوكٍ فاتر أن يُحدث موجة من الانطباع السلبي تتجاوز حدود اللحظة.

ولذلك، تُركّز إدارات الموارد البشرية الحديثة على بناء “الثقافة العاطفية المؤسسية”،
بحيث يُصبح المزاج العام للفندق انعكاسًا للجماعية المتفائلة،
لا مجرّد مجموعة من الأفراد يعملون بشكلٍ منفصل.

القيادة التأثيرية تبدأ من الثقة

المدير الذي يمنح موظفيه الثقة ليقرّروا في المواقف المفاجئة
يبني فريقًا قادرًا على صنع المعجزات في لحظةٍ حرجة.
تُظهر دراسة Hospitality Leadership Review 2024
أن الفنادق التي تسمح لموظفيها باتخاذ قرارات فورية لمساعدة النزلاء
تحقّق زيادة في معدلات الولاء تصل إلى 37٪.

الثقة هنا ليست تفويضًا مطلقًا، بل تمكينًا شعوريًا يجعل الموظف يشعر أنه شريك في المسؤولية،
لا منفذًا للتعليمات.
وحين يؤمن الموظف أنه قادر على صنع الفرق،
يبدأ في التصرف كقائدٍ حتى من موقعه البسيط.

الجانب المظلم: حين يخطئ الفرد

لكن الصورة لا تكتمل دون التطرّق إلى الوجه الآخر.
فكما أن الأثر الإيجابي قد يُلهِم، فإن الخطأ الفردي قد يُدمّر.
تغريدة غاضبة من نزيل، أو تسجيل مصور لموقفٍ غير مهني،
قد تنتشر كالنار في الهشيم وتُلحق ضررًا بعلامةٍ استثمرت سنوات في بناء سمعتها.

ولذلك، تتبنى الفنادق العالمية اليوم برامج تدريبية في السلوك الوقائي الرقمي،
لتعليم الموظفين كيفية التعامل مع المواقف الحرجة وتفادي الانفعالات الفورية.
ففي زمن الإعلام الفوري، أصبح ضبط النفس مهارة لا تقل أهمية عن سرعة الخدمة.

السعودية والهوية التأثيرية

ما يميّز المشهد السعودي أن التأثير الفردي لا يُنظر إليه كمسؤولية مهنية فقط،
بل كواجب وطني ضمن ثقافة “الوجه الحسن” التي تمتد جذورها في الموروث العربي.
من البسمة الأولى عند الباب إلى وداع النزيل بكلمةٍ دافئة،
تتجلّى فلسفة “المعاملة بالكرامة” التي تمزج الأصالة بالحداثة.

وقد بدأت وزارة السياحة السعودية في السنوات الأخيرة
برامج متخصصة لتطوير السلوك التأثيري لدى العاملين في القطاع،
مثل “برنامج السفير الفندقي” و“أكاديمية الضيافة السعودية”،
التي تُدرّب الأفراد على دمج الذكاء العاطفي مع الأداء المهني في تجربة النزيل.

من الإنسان تبدأ السمعة

في النهاية، لا تملك الفنادق إلا ما يعكسه موظفوها،
فالجدران لا تصنع الانطباع، بل الأشخاص الذين يقفون خلفها.
كل نزيلٍ يغادر يحمل حكاية، وهذه الحكاية هي ما يُبنى عليه الرأي العام.
فإن كانت القصة عن لطفٍ واهتمام، ولّدت ولاءً دائمًا،
وإن كانت عن تجاهلٍ أو سوء معاملة،
فقد تُصبح الشرارة الأولى لأزمةٍ إعلامية تمتد لسنوات.

السمعة إذًا ليست شيئًا يُصاغ في المؤتمرات،
بل تُزرع في لحظة صدقٍ واحدة من موظفٍ بسيط يعي أن الضيافة تبدأ من القلب.

س: هل يمكن فعلاً لموظفٍ واحد أن يُغيّر سمعة الفندق؟

ج: نعم، لأن النزيل يتفاعل مع التجربة الإنسانية المباشرة لا مع الهيكل الإداري،
وما يعيشه في موقفٍ واحد قد يُلخّص تجربته كلها.

س: كيف يمكن للموظف أن يصبح عنصر تأثير إيجابي؟

ج: عبر الوعي بدوره كسفيرٍ للعلامة، والقدرة على التعامل بذكاءٍ عاطفي في كل موقف مهما كان بسيطًا.

س: ما العلاقة بين السلوك الفردي والسمعة الرقمية؟

ج: في زمن الإنترنت، تنتقل الانطباعات من التجارب الفردية إلى الفضاء العام خلال دقائق،
لذا أصبح كل تفاعلٍ صغيرٍ مسؤوليةً كبرى.

س: كيف تدعم السعودية هذا التوجه؟

ج: من خلال برامج تطوير مهارات الضيافة والتواصل، التي تهدف إلى تحويل السلوك الفردي إلى أداةٍ للتميّز الوطني.

اقرأ أيضًا: دور الإيماءات الصغيرة في خلق تجربة لا تُنسى

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *