البخور في الاستقبال.. هل يعزز تجربة الضيافة أم يربك الحواس؟
إم إيه هوتيلز – خاص
منذ لحظة دخول الضيف إلى بهو الفندق، تبدأ سلسلة من الانطباعات الفورية التي لا يصنعها البصر فقط، بل الشم أيضًا. وفي كثير من الفنادق، خاصة في المنطقة العربية، يُستخدم البخور كوسيلة لتعزيز الترحيب، وبث إحساس بالدفء والهوية. لكن السؤال الجوهري يبقى: هل البخور يعمّق تجربة الضيافة فعلًا؟ أم أنه قد يتجاوز الحد ويُربك الحواس أو ينفّر بعض الزوار؟
الرائحة الأولى.. توقيع غير مرئي لهوية المكان
تمامًا كما يُمكن للموسيقى أو الإضاءة أن تعكس شخصية الفندق، تُعدّ الرائحة — خاصة البخور — عنصرًا حسيًا قويًا في تشكيل الانطباع الأول. حين تكون الرائحة معتدلة، مألوفة، وتحمل طابعًا ثقافيًا واضحًا، يشعر الضيف بأنه دخل إلى فضاء متماسك ومُعدّ بعناية.
البخور، في هذه الحالة، لا يُستخدم للتجميل فقط، بل لبناء ذاكرة شعورية تُربط باسم الفندق، كما تُربط نغمة موسيقية بإعلان ناجح.
بين الخصوصية الثقافية والتوقعات العالمية
في الثقافة الخليجية والعربية، يُعتبر البخور رمزًا للكرم، وحسن الاستقبال، والنظافة. لكنه لا يحمل ذات الدلالة في ثقافات أخرى، وقد يكون ثقيلًا أو حتى مزعجًا بالنسبة لضيوف غير معتادين على رائحته.
وهنا تظهر ضرورة الموازنة: فالفندق الذي يخاطب جمهورًا عالميًا لا بد أن يكون ذكيًا في جرعة العطر، ونوعه، وتوقيته. البخور لا يجب أن يتحول إلى عامل ضغط على الحواس، خاصة في المساحات المغلقة أو أوقات الذروة.
الرائحة والذاكرة.. رابطة عاطفية مستترة
علم النفس يُشير إلى أن الروائح هي من أقوى المحفّزات للذاكرة العاطفية. ضيف شمّ رائحة بخور معينة في لحظة راحة، قد يربطها بالمكان لسنوات قادمة. هذه العلاقة غير المباشرة تمنح للفنادق فرصة لبناء هوية حسية يصعب نسيانها.
لكن الخطأ في اختيار نوع البخور، أو المبالغة في تركيزه، قد يولّد أثرًا عكسيًا تمامًا، فيربط الضيف المكان بعدم الارتياح، أو حتى بصداع مزعج.
من الذوق الشخصي إلى المعايير التشغيلية
ليس كل ضيف يحب البخور، ولا كل نوع يناسب كل وقت. لهذا، تُنصح إدارات الفنادق بوضع معايير واضحة لاستخدام الروائح في الاستقبال، تتضمن:
توقيتات دقيقة للتبخير (مثل بداية اليوم فقط)
استخدام بخور خفيف أو معدّل صناعيًا ليكون أقل حدة
تهوية كافية لضمان عدم تشبّع الهواء
توفير خيار للضيوف بطلب غرفة خالية من الروائح عند الحجز
البخور.. عندما يُستخدم كعلامة لا كعبء
في النهاية، البخور ليس مجرد رائحة عابرة، بل إعلان ضمني عن هوية الضيافة. فندق يُتقن استخدامه يمنح ضيفه إحساسًا بأن الضيافة ليست خدمة فحسب، بل تقليد ثقافي محمي. أما الفندق الذي يفرط في استخدامه دون وعي، فيحول لحظة الترحيب إلى لحظة اضطراب.
اقرأ أيضًا: المقابس الكهربائية في أماكن النوم.. راحة استخدام أم مصدر شكوى دائم؟





