كيف أثرت معايير النظافة الجديدة على تصنيف الفنادق بعد كوفيد؟
إم إيه هوتيلز – خاص
منذ جائحة كوفيد-19، تغيّرت قواعد الضيافة عالميًا، ليس فقط على مستوى العمليات اليومية، بل على مستوى المعايير التي تُصنّف بها الفنادق وتُقيّم بها تجارب النزلاء. فما كان يُعد سابقًا عنصرًا تكميليًا ضمن أنظمة التقييم، أصبح اليوم أحد المعايير الأساسية في تصنيف الفنادق عالميًا ومحليًا، خاصة معايير النظافة والتعقيم.
هذا التحوّل لم يكن عابرًا أو وقتيًا، بل أعاد صياغة الطريقة التي يُنظر بها إلى الفنادق، وأثّر فعليًا على توزيع النجوم، وشهادات الجودة، وتفضيلات الضيوف، وحتى سياسات التسويق والعمليات الداخلية.
ما قبل كوفيد.. النظافة ضمن التفاصيل، لا في الواجهة
قبل 2020، كانت النظافة جزءًا من التقييم العام لجودة الخدمة، لكنها لم تكن محورًا مستقلًا في تصنيف الفنادق. وكان يُنظر إلى جودة النظافة من خلال انطباعات النزلاء، أو زيارات تفتيش محدودة، ولم تكن هناك معايير عالمية موحدة لتقييم بروتوكولات التعقيم، أو طرق التنظيف العميق، أو مستوى السلامة البيولوجية داخل الغرف والمساحات العامة.
أما النجوم الفندقية، فكانت تُمنح بناء على عدد الخدمات، نوعية المرافق، مساحة الغرف، وتنوع العروض، فيما ظل الجانب الصحي والتعقيم في الخلفية، إلى أن تغيّر المشهد تمامًا مع تفشي الجائحة.
بعد كوفيد.. النظافة أصبحت معيارًا تصنيفيًا مستقلًا
ابتداءً من منتصف 2020، أصدرت منظمات سياحية وصحية عالمية مثل WTTC، ومنصات حجز كبرى مثل Booking وTrivago، معايير جديدة تُركّز على النظافة والتعقيم كجزء رئيسي من تصنيف الفنادق.
أصبحت الأسئلة حول تكرار تنظيف الغرف، نوع المواد المستخدمة، أنظمة التهوية، وآليات التواصل غير التلامسي، هي ما يُحدّد مدى أهلية الفندق للحصول على تقييم عالٍ، أو حتى على شهادة “Safe Stay” أو “Clean & Safe” المعتمدة في بعض الدول.
هذا التغيير دفع العديد من الجهات المانحة للنجوم الفندقية إلى إعادة تقييم تصنيفاتها، بناءً على مدى التزام الفندق بالمعايير الجديدة، وعدد الممارسات الوقائية المطبقة بشكل يومي.
الفنادق تتكيّف.. من الإجراءات إلى البنية التشغيلية
استجابة لهذا التحوّل، لم تكتف الفنادق بوضع معقمات على المداخل أو نشر لافتات توعوية، بل أعادت هيكلة سياساتها التشغيلية بالكامل. فقد تم إعادة تدريب فرق النظافة على بروتوكولات معتمدة، وتم استبدال بعض الأدوات بأخرى قابلة للتعقيم، كما تم تغيير جداول التنظيف لتُصبح أكثر كثافة وتكرارًا.
كما لجأت الفنادق إلى الاستثمار في تقنيات جديدة مثل أجهزة التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية، أو استخدام مستشعرات للحركة تُتيح التنظيف غير التلامسي. هذه التعديلات لم تكن فقط لحماية النزيل، بل لضمان استمرار الفندق في الحفاظ على تصنيفه، أو تجنّب تراجعه.
انعكاسات واضحة على تجربة النزيل والتقييم العام
أصبح النزيل في 2025 لا يبحث فقط عن السعر أو الموقع، بل يُقيّم الفندق بناءً على مدى شعوره بالأمان الصحي. وهذا ما يظهر جليًا في تقييمات الضيوف على المنصات الرقمية، التي أصبحت تتحدث بشكل مباشر عن “نظافة الغرف”، “رائحة المكان”، “استجابة الفندق في حال وجود ملاحظات صحية”، بل وحتى “وضوح بروتوكولات التعقيم عند الوصول”.
وبالتالي، تحوّلت النظافة من عنصر صامت في تجربة النزيل إلى عامل معلن، يُروّج له في الحملات التسويقية، ويُستخدم كأداة تنافسية بين العلامات الفندقية.
الفرق بين فندق يتعامل بجدية مع النظافة وآخر يكتفي بالشكل
الفندق الذي دمج معايير النظافة الحديثة ضمن بنيته التشغيلية، استطاع أن يُحافظ على مكانته، بل ويكسب ثقة ضيوف جدد يبحثون عن فندق “آمن”، بينما عانت بعض المنشآت التي تعاملت مع المعايير بوصفها تعليمات وقتية من انخفاض واضح في التصنيف، أو تراجع في الحجوزات.
الضيوف باتوا أكثر وعيًا، وأكثر حساسية لأي خطأ بسيط في الإجراءات، خاصة مع الانتشار الواسع للتجارب الشخصية عبر وسائل التواصل، حيث يُمكن لملاحظة واحدة أن تؤثر على سمعة الفندق بأكمله.
تساؤلات ما بعد الجائحة.. هل ستبقى هذه المعايير قائمة؟
رغم انحسار الأزمة الصحية عالميًا، إلا أن ما تركته من آثار لا يُمكن تجاهله. فقد أصبح الضيف يرى في النظافة معيارًا من معايير الرفاهية، وليس مجرد واجب أساسي.
وهذا ما دفع الكثير من سلاسل الفنادق العالمية والمحلية إلى تحويل برامج التعقيم إلى إجراءات دائمة، تُدرّج ضمن أدلة التشغيل، وتُستخدم في تقييم الأداء، بل وتُدرّب عليها الفرق الجديدة عند التوظيف.
ولذلك، من المرجح أن تظل معايير النظافة الجديدة قائمة، بل وأن تتطوّر لتُصبح جزءًا من الهوية الفندقية لأي منشأة تسعى إلى التميز والمنافسة المستدامة.
اقرأ أيضًا: كالمتعاف من كوفيد للتو.. صناعة الفنادق السويسرية تتنفس الصعداء





