كيف تُحدث إدارة العائد فرقًا في أرباح الفنادق؟
إم إيه هوتيلز – خاص
تواجه الفنادق في العصر الحديث تحديًا دائمًا في تحقيق أقصى قدر من الإيرادات مع الحفاظ على التوازن بين الأسعار، الجودة، ورضا النزلاء. هنا تبرز أهمية “إدارة العائد” كأداة استراتيجية تُحدث فارقًا فعليًا في ربحية الفنادق. إذ لم تعد الأسعار تُحدَّد عشوائيًا، بل وفق تحليلات ذكية واستراتيجيات مدروسة تتفاعل مع العرض والطلب وسلوك المستهلك في الوقت الحقيقي.
المفهوم الحديث لإدارة العائد.. أكثر من مجرد تسعير
إدارة العائد لا تعني فقط تعديل الأسعار حسب الموسم، بل تشمل استخدام أنظمة تحليل البيانات لمراقبة معدلات الإشغال، الحجوزات المستقبلية، سلوك الحجز، والمنافسة. الهدف هو بيع الغرفة المناسبة، للعميل المناسب، بالسعر المناسب، في الوقت المناسب.
الفنادق التي تطبّق هذا المفهوم بشكل احترافي، تُحقق مزيجًا مثاليًا من معدلات إشغال مرتفعة ومتوسط سعر يومي أعلى، مما ينعكس مباشرة على العائد لكل غرفة متاحة (RevPAR).
أنظمة الذكاء الاصطناعي.. قلب إدارة العائد
تطورت أدوات إدارة العائد من جداول يدوية إلى أنظمة ذكاء اصطناعي تتنبأ بأنماط الطلب وتوصي بتغييرات في التسعير أو سياسات الحجز في الوقت الفعلي. تعتمد هذه الأنظمة على خوارزميات تتعامل مع آلاف المتغيرات مثل التواريخ، الأحداث المحلية، الطقس، ومعدلات الحجز في السوق المجاور.
الفنادق التي تعتمد هذه الأنظمة تستفيد من أتمتة القرار، وتحقيق استجابة فورية لتغيرات السوق دون تأخير بشري، وهو ما يمنحها ميزة تنافسية حقيقية.
توزيع القنوات.. زيادة العائد دون خسارة العمولة
إحدى أبرز استراتيجيات إدارة العائد هي إدارة القنوات التي تُباع من خلالها الغرف. فالحجوزات القادمة من منصات مثل Booking وAgoda تخضع لعمولات مرتفعة، بينما الحجوزات المباشرة عبر الموقع الإلكتروني تدر أرباحًا أعلى.
تعمل إدارة العائد هنا على خلق توازن.. رفع الأسعار على القنوات ذات العمولة العالية، وتقديم مزايا حصرية للحجز المباشر (مثل الإفطار المجاني أو ترقية الغرفة)، مما يعيد توجيه حركة الحجز ويزيد الربح الصافي.
الشرائح السوقية.. تخصيص الأسعار للمزيد من الأرباح
ليس كل نزيل يبحث عن نفس النوع من الخدمة. فالمسافرون بغرض العمل، والسياح، والمجموعات، وحتى الحاجزين في اللحظة الأخيرة، يملكون دوافع مختلفة. إدارة العائد تساعد على تصميم أسعار وخطط حجز لكل شريحة سوقية، مما يؤدي إلى استغلال أفضل للغرف وعدم ترك أي فرصة تسويقية مهدرة.
مقارنة معمّقة.. فندق يُدير عائده مقابل فندق لا يُديره
عند النظر إلى فندقين يعملان في نفس السوق، يمكن أن تبدو نتائجهما المالية مختلفة تمامًا رغم تشابه الجودة وعدد الغرف.
في الفندق الذي لا يطبّق إدارة العائد
تعتمد الأسعار على مواسم عامة وثابتة، ما يؤدي إلى فقدان الفرص في أوقات الذروة أو رفع أسعار غير مبرر في المواسم الهادئة. الإشغال قد يكون عشوائيًا، والربح النهائي متذبذب.
في الفندق الذي يطبّق إدارة العائد
يتم تعديل الأسعار يوميًا بناءً على البيانات، ويتم توزيع الغرف بذكاء بين القنوات، واستهداف كل شريحة بسعر مناسب. النتيجة: عائد أعلى لكل غرفة، حتى في فترات الطلب المنخفض.
فهم أعمق.. لماذا تعتبر إدارة العائد استثمارًا ذكيًا؟
يظن البعض أن إدارة العائد تتطلب أدوات مكلفة أو أنها تناسب فقط الفنادق الكبرى، لكن التجارب العملية أظهرت أن حتى الفنادق الصغيرة والمتوسطة يمكنها الاستفادة من استراتيجيات بسيطة تحقق نتائج فورية.
الفارق الحقيقي هو في العقلية.. من عقلية ثابتة في التسعير، إلى عقلية مرنة تستجيب للبيانات. ومن التسويق العام، إلى التخصيص والتوجيه الدقيق. الفنادق التي تستثمر في إدارة العائد تبني قدرة على اتخاذ القرار بناءً على الأرقام، لا الافتراضات.
وهذا التحول في الأسلوب الإداري، مع مرور الوقت، لا يرفع الأرباح فقط، بل يعزز أيضًا موقع الفندق التنافسي، ويجذب عملاء أكثر ولاءً ودقة في الاستهداف.
اقرأ أيضًا: أهمية إدارة التكاليف في تحسين الأرباح في قطاع الضيافة





