M A hotels | إم ايه هوتيلز

الموقع الأول للعاملين في الفنادق في العالم العربي

كيف تتعامل الفنادق مع الحنين؟ تجربة المسافر الذي يبحث عن “بيت ثانٍ”
أخبار وملفات

كيف تتعامل الفنادق مع الحنين؟ تجربة المسافر الذي يبحث عن “بيت ثانٍ”

كيف تتعامل الفنادق مع الحنين؟ تجربة المسافر الذي يبحث عن “بيت ثانٍ”

إم إيه هوتيلز – خاص

في زمنٍ أصبح السفر فيه جزءًا من نمط الحياة اليومية، لم يعد النزيل يبحث فقط عن سريرٍ مريح أو خدمة فاخرة، بل عن شعورٍ بالانتماء.
ذلك الإحساس الذي يربطه بمكانٍ يشبه بيته، حتى وهو على بُعد آلاف الكيلومترات منه.
هنا يظهر مفهوم “الحنين في الضيافة”، وهو أحد أكثر الاتجاهات الإنسانية تعقيدًا في عالم الفنادق الحديثة، حيث يسعى المصممون ومديرو العلامات الفندقية إلى إعادة خلق شعور الدفء والألفة الذي يفتقده المسافر في تنقله الدائم.

الفندق لم يعد مكانًا مؤقتًا للإقامة، بل محاولة لاحتضان ذاكرة المسافر، وإعادة بناء “البيت” في شكلٍ جديدٍ من الراحة العاطفية.

من غرفة فندقية إلى ذاكرة شخصية

تصف دراسات علم النفس السياحي الحنين بأنه حالة عاطفية محفّزة للراحة، تمنح الإنسان إحساسًا بالأمان عبر استدعاء تفاصيل مألوفة من الماضي.
وقد أدركت الفنادق أن هذا الشعور هو أحد أقوى أدوات الولاء، لأنه يُحوّل النزيل من عميل إلى ضيفٍ عائد.
فنادق مثل “Marriott Bonvoy” و“Accor Collection” بدأت في تصميم غرفٍ مستوحاة من البيوت المحلية، باستخدام خامات خشبية دافئة وروائح مألوفة مثل القهوة أو العود.
حتى ترتيب الأثاث صار يُراعى أن يكون “قريبًا من طابع المنازل” أكثر من كونه رسميًا أو فخمًا مفرطًا.

النزيل الذي يستيقظ على ضوء ناعم وصوت مكيّفٍ هادئ يشعر بأنه في مساحةٍ تخصّه لا تُراقبه، وهذا ما يسميه خبراء الضيافة “Home-Like Luxury” — رفاهية الألفة.

الضيافة السعودية.. الحنين كهوية

في السعودية، يحمل الحنين في تصميم الفنادق بُعدًا ثقافيًا عميقًا.
الضيافة ليست مجرد خدمة، بل امتداد لتراثٍ متجذّر في القيم الاجتماعية والكرم العربي.
فنادق مثل “شذا المدينة”، “العنوان مكة”، و“دار الإيمان” تُعيد إنتاج هذا الشعور من خلال الروائح الشرقية، النقوش الإسلامية، والمجالس العربية التي تحاكي المنازل القديمة.
حتى الألوان الترابية والإضاءة الدافئة تُستخدم لخلق إحساسٍ بالعراقة والاستقرار.
وفي فنادق “العلا” و“البحر الأحمر”، يُعاد توظيف عناصر التراث المحلي لتذكير النزيل ببيئته الأصلية، سواء كان سعوديًا أو زائرًا يبحث عن جوهر المكان.

إنها فلسفة ضيافة تقوم على الحنين كجسرٍ بين الأصالة والحداثة.

غرفة فندقية بتصميمٍ دافئ مستوحى من المنازل العربية التقليدية

غرفة فندقية بتصميمٍ دافئ مستوحى من المنازل العربية التقليدية
غرفة فندقية بتصميمٍ دافئ مستوحى من المنازل العربية التقليدية

ردهة فندقية تعبق برائحة العود وتجمع بين الطابع التراثي والرفاهية العصرية

ردهة فندقية تعبق برائحة العود وتجمع بين الطابع التراثي والرفاهية العصرية
ردهة فندقية تعبق برائحة العود وتجمع بين الطابع التراثي والرفاهية العصرية

زاوية ضيافة منزلية التصميم تمنح النزيل إحساس البيت الثاني

زاوية ضيافة منزلية التصميم تمنح النزيل إحساس البيت الثاني
زاوية ضيافة منزلية التصميم تمنح النزيل إحساس البيت الثاني

الروائح والأصوات.. ذاكرة الحواس

من أكثر ما يُعيد بناء الحنين هو الذاكرة الحسية.
الروائح، الأصوات، وملمس المواد تشكّل ذاكرة لا تُنسى.
فنادق عديدة تستخدم توقيعًا عطريًا خاصًا — مثل “The Westin White Tea” أو “Rosewood Oud” — ليصبح جزءًا من هويتها العاطفية.
كما تُبث موسيقى ناعمة تشبه أجواء المنازل، ويُستخدم الخشب الطبيعي والأقمشة القطنية لإضفاء ملمسٍ مألوف.
هذه التجارب الصغيرة تخلق تأثيرًا نفسيًا عميقًا، يجعل النزيل يشعر بأنه “عاد” إلى مكان يعرفه رغم أنه يزوره لأول مرة.

إنها ضيافة الذاكرة التي تعتمد على الحواس أكثر من الكلمات.

من الحنين الفردي إلى الحنين الجمعي

الحنين ليس حالة شخصية فحسب، بل يمكن أن يكون تجربة مشتركة بين الثقافات.
في اليابان مثلًا، يُعبّر مفهوم “Natsukashii” عن متعة التذكّر والعودة إلى لحظاتٍ دافئة من الماضي، بينما في أوروبا يُستخدم مفهوم “Nostalgia Chic” في تصميم الفنادق التي تحاكي طراز السبعينيات والثمانينيات.
في المقابل، تمزج فنادق الشرق الأوسط بين الحداثة والتاريخ لتمنح النزيل إحساس الاستمرارية بين زمنين.
تلك التفاصيل — من اختيار المفروشات القديمة الطراز إلى الإضاءة الصفراء الناعمة — تجعل الغرفة الفندقية أكثر من مساحة، بل رحلة زمنية قصيرة في ذاكرة الإنسان.

التقنية في خدمة الحنين

قد يبدو أن التكنولوجيا تناقض مفهوم الدفء الإنساني، لكنها اليوم أصبحت أداة لإحياءه.
فبعض الفنادق تستخدم الذكاء الاصطناعي لتسجيل تفضيلات النزلاء العاطفية، كنوع الموسيقى أو رائحة الغرفة، ثم تعيد إنتاجها في زياراتهم التالية.
في فنادق “Hilton Connected Room”، يستطيع النزيل عبر التطبيق استدعاء إعداداته السابقة بالكامل — من درجة الحرارة إلى نوع الإضاءة — ليشعر وكأنه عاد إلى بيته.
كما أن تقنيات “الذكاء التنبؤي” باتت تتيح للفندق معرفة ما يفضّله كل ضيف، ليُعيد له تجربته الشخصية أينما ذهب.

بهذا، يتحول الذكاء الاصطناعي من أداة تقنية إلى وسيلة لبناء الحنين.

الحنين كقيمة تسويقية

تستخدم العلامات الفندقية العالمية الحنين كوسيلة لبناء ولاء طويل الأمد.
فبدل أن تقول “تعال إلى فندقنا”، تقول: “عد إلى مكانك المفضل”.
إنها لغة عاطفية تدعو الضيوف للعودة بدافع الشعور لا بدافع الخصم أو العروض.
وهذا ما يجعل الحنين قيمة تجارية ذات عائد عاطفي مرتفع.
الدليل؟
أكثر الفنادق التي تحظى بمعدلات عودة مرتفعة ليست دائمًا الأكثر فخامة، بل تلك التي تُشعر نزلاءها بأنهم جزء من “عائلة المكان”.

الحنين في التصميم الداخلي

الديكور يلعب دورًا محوريًا في ترجمة العاطفة إلى مادة.
الأثاث ذو الزوايا المستديرة، الإضاءة الدافئة، المواد الطبيعية، والألوان الهادئة كلها أدوات تُعيد توازن النزيل بعد السفر الطويل.
حتى الكراسي والمكاتب تُرتب بزاويةٍ غير رسمية لتذكّر الزائر بغرفته في المنزل.
وفي بعض الفنادق، تُوضع صورٌ قديمة للمدينة أو الرواد الأوائل للمكان، في إشارةٍ إلى استمرارية الزمن.

إنه تصميم للراحة العاطفية قبل البصرية.

السعودية ودفء التجربة الإنسانية

من أبرز ما يميز الضيافة السعودية الحديثة هو الجمع بين التقاليد والابتكار.
تمنحك الفنادق السعودية شعورًا بأنك في بيتٍ كبير، حيث تُقابل بابتسامة وعبارة “تفضل” التي تختصر فلسفة الضيافة الأصيلة.
وفي الفنادق الجديدة في “الدرعية” و“القدية” و“العلا”، يتجسد الحنين في العمارة، الروائح، وحتى الموسيقى المحلية التي ترافق تجربة الإقامة.
إنها ليست ضيافة فاخرة فحسب، بل تجربة ثقافية تُعيد للزائر الشعور بالانتماء.

س: ما المقصود بتجربة الحنين في الفنادق؟

ج: هي تصميم التجربة الفندقية لتُشعر النزيل بالألفة والدفء، وكأنه في بيته، عبر التفاصيل الحسية والذكريات العاطفية.

س: كيف تُستخدم التكنولوجيا لبناء الحنين؟

ج: من خلال الذكاء الاصطناعي الذي يحفظ تفضيلات الضيف ويُعيدها في كل إقامة، ليحافظ على استمرارية الشعور بالمألوف.

س: ما سر نجاح الضيافة السعودية في هذا المجال؟

ج: قدرتها على الدمج بين الحنين الثقافي والقيم الإنسانية، ما يجعل النزيل يعيش تجربة عاطفية لا تُنسى.

س: هل الحنين أصبح أداة تسويقية؟

ج: نعم، لأنه يولّد ارتباطًا عاطفيًا بالفندق يتجاوز الأسعار والعروض، ويحول الضيف إلى زائر دائم.

اقرأ أيضًا: تجربة “الضوء الطبيعي”.. كيف تغير الإضاءة المزاج وتؤثر على رضا النزيل؟

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *