كيف تخطط الفنادق لخفض البصمة الكربونية دون التأثير على رفاهية النزلاء؟
إم إيه هوتيلز – خاص
في الوقت الذي تواجه فيه صناعة الضيافة العالمية ضغوطًا متزايدة للحد من أثرها البيئي، تقف الفنادق أمام تحدٍّ مزدوج: تحقيق أهداف الاستدامة دون الإضرار بجوهر التجربة الفندقية الراقية.
الضيوف، خاصة في منطقة الخليج والعواصم السياحية الكبرى، لا يزالون يتوقعون أعلى مستويات الراحة والرفاهية. لكن هذا لا يتعارض مع التوجه العالمي نحو الحد من الانبعاثات الكربونية. بل العكس، الفنادق التي تُعيد تعريف الفخامة في إطار بيئي مسؤول، تُصبح أكثر جاذبية لجيل النزلاء الجديد.
فكيف توازن الفنادق اليوم بين البيئة والرفاهية؟ وما هي الاستراتيجيات التي تُقلّل الانبعاثات دون أن يشعر الضيف بأي تقشف أو نقص في الخدمات؟
البنية التحتية الذكية.. استدامة لا تُرى
التحول يبدأ من العمق، من أنظمة تشغيل لا يراها الضيف لكنها تُحدث الفرق الأكبر. الفنادق الحديثة تُستخدم فيها تقنيات تحكم ذكية لإدارة الإضاءة، التبريد، والتدفئة.
في أحد فنادق الدوحة، أدى استخدام نظام استشعار الحركة داخل الغرف إلى تقليل استهلاك الكهرباء بنسبة 27%، دون أن يشعر النزيل بأي تغيير في تجربته. فعندما يُغادر الغرفة، تنطفئ الأضواء وتُضبط التكييف تلقائيًا. وعند عودته، تعود الإعدادات بحسب تفضيلاته.
اعتماد الطاقة المتجددة دون المساس بالراحة
أصبح استخدام الألواح الشمسية وتوربينات الرياح في الفنادق الراقية أكثر انتشارًا، ليس كوسيلة لتقليل التكاليف فقط، بل لإعادة تشكيل صورة الفندق كمنشأة مسؤولة بيئيًا.
فنادق في السعودية بدأت بتغطية حاجتها من المياه الساخنة بنسبة 100% عبر سخانات شمسية دون أي تراجع في جودة الخدمة. وفي الإمارات، تم دمج خلايا شمسية شفافة ضمن واجهات الزجاج لتوليد الطاقة دون التأثير على التصميم الجمالي أو التكييف الداخلي.
أنظمة مياه ذكية تحافظ على الموارد وتُحافظ على راحة الضيف
الماء هو أحد أكثر الموارد استخدامًا في الفنادق. لكن التوفير فيه لا يعني إلغاء البانيو أو تقليل ضغط الدش، بل تطبيق أنظمة تكنولوجية تجعل التوفير غير مرئي.
فنادق فاخرة في عمان وبيروت تستخدم الآن صمامات إلكترونية تنظم التدفق بطريقة تحافظ على الانطباع الفاخر للدش، مع تقليل فعلي في الاستهلاك يصل إلى 35%.
كما يتم إعادة استخدام المياه الرمادية من الأحواض والمغاسل لري الحدائق، دون أن يؤثر ذلك بأي شكل على استخدامات الضيوف.
تقليل النفايات.. من دون فرض قيود على النزيل
التحول إلى العبوات القابلة لإعادة التعبئة في الشامبو والصابون أصبح أكثر انتشارًا، لكن يتم تطبيقه الآن في عبوات زجاجية فاخرة بتصميم جذّاب لا يشعر الضيف أنه أمام خيار بيئي تقشفي، بل أمام مستوى جديد من الذوق والتفرد.
وبدلًا من تقديم البلاستيك، يتم الآن استخدام أدوات مائدة من مواد طبيعية قابلة للتحلل، أو تقديم القهوة والشاي في أكواب خزفية قابلة لإعادة الاستخدام.
بعض الفنادق الذكية تُكافئ الضيف الذي يختار تنظيف الغرفة كل يومين بدلًا من يوميًا، بنقاط ولاء إضافية، وهو ما يُحوّل التوفير إلى تجربة تفاعلية وليست إلزامًا بيئيًا.
تصميم الغرف والمساحات وفق مبادئ التهوية الطبيعية
الفنادق الجديدة بدأت تُراعي الاتجاه المعماري المستدام في تصميم المساحات لتقليل الاعتماد على التكييف دون التأثير على درجات الراحة.
في بعض الفنادق الصحراوية، يتم توجيه الغرف باتجاهات تقلل دخول الشمس المباشرة في ساعات الذروة، واستخدام النوافذ المظللة ذات التهوية المتقاطعة التي تُبقي الغرفة باردة طبيعيًا. كل هذا دون أن يشعر الضيف بأي تغيير في مستوى الفخامة أو العزل.
الطعام المستدام.. جودة أكثر لا أقل
أحد أكثر التحولات اللافتة في فنادق 2025 هو تقديم قوائم طعام موسمية من مكونات محلية عضوية.
بدلًا من استيراد فواكه خارج موسمها أو لحوم من قارات بعيدة، باتت الفنادق تعتمد على مزارع قريبة وتُبرم شراكات مع موردين محليين، مما يقلّل الانبعاثات المرتبطة بسلاسل الإمداد، ويُقدّم طعامًا طازجًا بجودة أعلى.
الضيوف لم يُمانعوا هذا التحول، بل وجدوا فيه قيمة إضافية وتجربة مذاق أصيلة.
الفرق بين فندق يُقلّل من خلف الكواليس، وآخر يُشعر الضيف بالتقشف
الفارق ليس في مستوى التخفيض، بل في أسلوب التطبيق. الفنادق التي تُخطط بعناية تقلّل البصمة الكربونية دون المساس بأي تفصيلة من الراحة. أما تلك التي تفرض على الضيف تغيير عاداته، فهي تخاطر بسمعتها وتجربة ضيوفها.
تساؤلات الإدارة.. هل نُقلّل بصمت؟ أم نفرض التوفير على حساب الضيف؟
هل استثماراتنا البيئية تخلق تجربة أفضل؟ هل يعرف الضيف أننا نُدير منشأة مستدامة دون أن نقولها؟ وهل نُشركه في هذا الجهد دون أن نشعره بأنه مسؤول عن العبء؟
كل هذه الأسئلة تُحدّد مستقبل الفندق في عالم تُعاد فيه كتابة معايير الفخامة من جديد.
اقرأ أيضًا: فنادق الخمس نجوم: رفاهية لا مثيل لها وخدمات متميزة تلبي تطلعات النزلاء الأكثر تميزًا





