معالم محظورة.. وجهات لا يزورها أحد
إم إيه هوتيلز – خاص
عندما نتحدث عن السفر والسياحة، يتبادر إلى أذهاننا مجموعة من الوجهات التي يسعى الكثيرون لزيارتها؛ ولكن هناك مناطق لا يتمكن أحد من الوصول إليها، رغم أن بعض هذه الأماكن تتمتع بتاريخ طويل ومعالم طبيعية أو أثرية نادرة. إنَّما هي أماكن تظل خارج حدود الوصول البشري، لأسباب تتباين بين الحظر والحماية البيئية.
جزيرة الأفاعي أو “إيلها دا كيمادا غراندي” في البرازيل هي واحدة من أخطر الأماكن على كوكب الأرض. فهي موطن لأكثر من 4 آلاف من الأفاعي السامة، ومن أشهرها “أفعى رأس الرمح الذهبية”، التي تعد واحدة من أخطر الأفاعي في العالم. السم الذي تحمله هذه الأفعى يمكن أن يذيب اللحم البشري في منطقة اللدغة. هذه الجزيرة، التي تقع على بعد حوالي 35 كيلومترًا من الساحل البرازيلي، هي محظورة تمامًا على الزوار، إذ يُمنع الاقتراب منها لحماية الأرواح. الحكومة البرازيلية تفرض هذا الحظر الصارم، إذ لا يسمح سوى لعدد محدود من العلماء أو الفرق البحثية المدعومة بمرافق طبية بزيارة الجزيرة، وهذا في سياق دراسات علمية تهدف لفهم سلوكيات هذه الأنواع المميتة. لن تراها ولن يكون مسموحًا أن تذهب إليها، فهي محمية بيئية تهدف إلى حماية الإنسان من خطر الزواحف السامة والحد من خطر تعرضهم لهجوم غير متوقع.
ضريح تشين شي هوانغ “الصين”
في عام 1974، اكتشف مزارعون صينيون قبر أول إمبراطور صيني، تشين شي هوانغ، الذي أسس الإمبراطورية الصينية الموحدة. القبر يُعد من أعظم الاكتشافات الأثرية في تاريخ الصين، حيث يحتوي على أكثر من ألفي تمثال من الطين تمثل الجيش الذي كان يرافق الإمبراطور في حياته وبعد وفاته. ولكن رغم التنقيب المستمر، فإن ضريح الإمبراطور يبقى مغلقًا أمام الزوار العاديين. أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو حماية جسد الإمبراطور وأسرار قبريه من التلف، بالإضافة إلى التحديات التقنية في التنقيب الآمن عن الأجزاء الحساسة في المقبرة. الحكومة الصينية لا تسمح لأي شخص بالوصول إلى القبر المركزي الذي يحتوي على جسد تشين شي هوانغ، بل تفرض قيودًا مشددة على العلماء للحد من الأضرار التي قد تتسبب بها التقنيات الحديثة في كشف هذه القطع الأثرية القديمة. وعلى الرغم من شهرة الموقع، فإن لن تراها ولن يكون مسموحًا أن تذهب إليها، حفاظًا على التراث الثقافي والتاريخي لأمة بأكملها.
تشيرنوبل “أوكرانيا”
في 26 أبريل 1986، وقعت كارثة تشيرنوبل النووية في أوكرانيا، وهي واحدة من أسوأ الكوارث النووية في التاريخ. المنطقة المحيطة بمحطة تشيرنوبل لا تزال من أكثر الأماكن الملوثة إشعاعيًا في العالم. على الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عامًا على الحادثة، إلا أن المنطقة لا تزال تعتبر غير صالحة للسكن بسبب مستويات الإشعاع العالية التي قد تشكل خطرًا على صحة الإنسان. وقد أعلنت السلطات الأوكرانية أن المنطقة لن تصبح صالحة للسكن إلا بعد عشرات الآلاف من السنين. في الوقت الراهن، رغم أن بعض الزوار يمكنهم دخول المناطق القريبة من تشيرنوبل، فإن الأماكن الأكثر تلوثًا تبقى مغلقة وغير مسموح الوصول إليها. لن تراها ولن يكون مسموحًا أن تذهب إليها لأسباب تتعلق بالحفاظ على صحة الإنسان وحمايته من التعرض للإشعاع الضار.
جزيرة سينتينل الشمالية “الهند”
جزيرة سينتينل الشمالية، الواقعة في جزر أندمان ونيكوبار الهندية، هي واحدة من آخر المجتمعات المعزولة تمامًا عن العالم الخارجي. يعتقد أن قبيلة السينتينليز قد عاشت في هذه الجزيرة منذ حوالي 60 ألف سنة، وهي واحدة من آخر الشعوب التي لم تتواصل مع العالم الخارجي. حاول بعض الزوار في الماضي الاقتراب من الجزيرة، لكنهم واجهوا هجومًا عنيفًا من قبل أفراد القبيلة الذين لا يتقبلون الغرباء. في عام 2006، قُتل اثنان من صيادي الأسماك عندما انجرف قاربهما إلى المياه الضحلة بالقرب من الجزيرة. بسبب عدم مناعة هذه القبيلة ضد الأمراض التي يمكن أن يحملها البشر من خارج الجزيرة، قررت الحكومة الهندية فرض حظر تام على الاتصال مع قبيلة السينتينليز. لن تراها ولن يكون مسموحًا أن تذهب إليها حفاظًا على سلامة القبيلة وحمايتها من الأمراض التي قد تضر بهم.
قلعة فورت نوكس في كنتاكي “الولايات المتحدة”
تعد قلعة فورت نوكس في ولاية كنتاكي الأمريكية واحدة من أكثر الأماكن الحراسة في العالم. تحتوي القلعة على معظم احتياطيات الذهب الأمريكية، وهي محمية بشدة ضد أي نوع من التسلل أو السرقة. يتطلب الدخول إلى خزائن فورت نوكس مجموعة من الرموز الأمنية المعقدة، ولا يُسمح لأي شخص بالوصول إليها بمفرده. حتى موظفو القلعة يعرفون فقط رمزًا واحدًا من بين عدة رموز تفتح الخزائن. ولأسباب أمنية بحتة، تبقى لن تراها ولن يكون مسموحًا أن تذهب إليها، حفاظًا على الثروة الوطنية والأمن القومي.
قبو سفالبارد للبذور “النرويج”
يقع قبو سفالبارد للبذور في جبل نرويجي بعيد، وهو عبارة عن مخزن ضخم يحتوي على بذور لأغلب النباتات في العالم. صمم القبو ليحفظ البذور في حالة حدوث كارثة كبرى، سواء كانت من صنع الإنسان أو من الكوارث الطبيعية. القبو يفتح أبوابه عدة مرات فقط في العام، ويسمح لعدد محدود من المودعين بإيداع بذور جديدة. ومع ذلك، فإن الوصول إلى القبو مغلق أمام الجمهور، ولا يسمح إلا للخبراء وأصحاب البذور بتسجيل وصولهم. لن تراها ولن يكون مسموحًا أن تذهب إليها، من أجل الحفاظ على أمان التنوع البيولوجي وضمان استدامة الزراعة العالمية في المستقبل.
كهف لاسكو “فرنسا”
يعد كهف لاسكو في فرنسا من أهم الاكتشافات الأثرية التي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ. يتضمن الكهف مجموعة من اللوحات الجدارية التي رسمها الإنسان القديم قبل حوالي 17 ألف عام. بعد اكتشافه في عام 1940، أصبح الكهف وجهة سياحية شهيرة، إلا أن الزيادة في عدد الزوار وتأثير أنفاسهم وتلوث الهواء أضر بالرسوم الجدارية. لذلك، تم حظر دخول العامة إلى الكهف في عام 1963، ولم يُسمح سوى للباحثين المتخصصين ودوريات حماية التراث بالدخول إليه. لن تراها ولن يكون مسموحًا أن تذهب إليها، حفاظًا على هذا التراث الفني الفريد من نوعه.
ختامًا، هذه المعالم، التي تمثل بعضًا من أندر وأخطر الأماكن على وجه الأرض، تظل بعيدة عن أعيننا ومحظورة عن الزيارة. رغم رغبة الكثيرين في استكشافها، إلا أن حظر الوصول إليها يعد جزءًا من جهود للحفاظ على البيئة وحماية الإنسان.. فأحيانًا الحظر للسلامة أفضل من إتاحة المخاطر. في بعض الحالات، يُعد الحظر إجراءً ضروريًا لضمان عدم تدمير التراث الثقافي أو الطبيعي، بينما في حالات أخرى، يكون الحظر أمرًا ملحًا للحفاظ على سلامة الحياة البشرية وحماية المجتمعات المحلية من الأمراض أو المخاطر التي قد تهدد وجودها.