سياحة المؤتمرات.. تجربة نجاح التبادل الثقافي والتنموي
إم إيه هوتيلز – خاص
تعد سياحة المؤتمرات من الأنشطة االسياحية غير التقليدية، والتي تعود بالنفع على التنمية الاقتصادية، وتزيد من الدخل القومي ورفع معيشة المواطنين، وتدعيم الارتباط الإنتاجي بين القطاع السياحي والقطاعات الأخرى. إذ أنَّ التنمية السيالحية تتحسَّن معها البنية التحتية، وتتوافر كذلك وسائل نقل متطورة، وتتيسَّر إجراءات الدخول والخروج للسياح بما يسهم في جذب المزيد من الزوار، فتتحسن الخدمات الفندقية والمرافق السياحية.
وكما أنَّ سياحة المؤتمرات تدفع نحو الارتقاء بالتعاون العلمي ومد الجسور الثقافية، كذبك تنشأ معها إمدادات وتسهيلات وخدمات، تدفع بالقطاع السياحي نحو التعزيز والتطوير.
مفهوم المؤتمر
المؤتمر هو اجتماع يجمع مجموعة من الأفراد بهدف التشاور ومناقشة قضايا ذات أهمية مشتركة. يتم تنظيمه لتبادل الآراء، الوصول إلى حقائق، وحل المشكلات، وعادة ما يكون له أهداف محددة ومدة زمنية معينة. وفقًا للمعاجم، يُعد المؤتمر أداة للتباحث حول موضوعات سياسية، اقتصادية، علمية، أو اجتماعية.
ماذا تعني سياحة المؤتمرات؟
تجمع سياحة المؤتمرات بين مفهومين: “السياحة” و”المؤتمرات”. السياحة تعني نشاط السفر بهدف الترفيه أو العمل، وتتضمن تقديم الخدمات اللازمة لهذا الغرض، حيث يُعرف السائح بأنه الشخص الذي ينتقل لمسافة لا تقل عن 80 كيلومترًا من منزله. من جهة أخرى، المؤتمرات هي اجتماعات تُعقد لمناقشة قضايا ذات أهمية، وعندما يُجمع هذان المفهومان، يُقصد بسياحة المؤتمرات حضور الأفراد مؤتمرات في مدن مختلفة، مما يعزز حركة السياحة نتيجة تلك الفعاليات.
سياحة المؤتمرات تنشأ من اللقاءات الدولية التي تُعقد لمناقشة قضايا محددة أو رسم استراتيجيات لمنظمات دولية، وهي الأنشطة المصاحبة للمؤتمرات. قد تتنوع موضوعات هذه المؤتمرات بين المجالات السياسية، الاقتصادية، العلمية، الفنية، وغيرها، وتُعقد غالبًا في العواصم والمدن الكبرى أو السياحية.
أهمية سياحة المؤتمرات
- القدرة العالية على الإنفاق: يتميز سائحو المؤتمرات بقدرتهم العالية على الإنفاق، حيث تجذب هذه السياحة أفرادًا ذوي مستوى عالٍ ثقافيًا واقتصاديًا مثل السياسيين ورجال الأعمال. ويزداد إنفاقهم بسبب طول مدة الإقامة، خاصة إذا كانت البلد المضيفة بعيدة، إضافة إلى وجود مرافقين لأعضاء الوفود .
- حلول للمشاكل الدولية: تساهم سياحة المؤتمرات في حل القضايا والمشاكل التي تعاني منها الدول، مما يؤدي إلى تخفيف التوتر بين الشعوب. كذلك، يعزز اللِّقَاءات بين الدول ويزيد من النشاط السياحي .
- الدعاية الإيجابية للبلد المضيف: يحصل البلد المضيف على دعاية إيجابية عند عودة المشاركين إلى أوطانهم، خاصة أنهم غالبًا من ذوي المستوى الثقافي العالي، مما يعزز صورة البلد عالميًا .
- رفع نسب الإشغال: تجذب سياحة المؤتمرات أعدادًا كبيرة من المشاركين، مما يؤدي إلى زيادة نسب إشغال الفنادق والقرى السياحية، ويخلق فرصًا لتنظيم رحلات سياحية خلال أو بعد المؤتمرات .
- دلالة على الاستقرار: يعكس تزايد المؤتمرات في بلد ما استقراره السياسي والأمني، ويعزز مكانته الدولية. كما يساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نتيجة الثقة التي يكتسبها .
- التبادل الثقافي والحضاري: تسهم سياحة المؤتمرات في زيادة التبادل الثقافي والحضاري وتدفق المعلومات، مما يعزز النهضة الثقافية والعلمية والتقنية للبلد المضيف، خاصة إذا تم التسويق الجيد للمؤتمرات .
- تنشيط السياحة في مواسم الركود: تساعد هذه السياحة في تنشيط حركة السياحة وزيادة نسب إشغال الفنادق في المواسم السياحية الراكدة، مما يحقق رواجًا اقتصاديًا .
- توفير فرص عمل جديدة: تساهم سياحة المؤتمرات في خلق فرص عمل جديدة، سواء كانت مؤقتة أو مستمرة، مثل وظائف المترجمين، منظمي المؤتمرات، الفنيين، والمرشدين السياحيين .
أثر المؤتمرات على القطاع السياحي
- السياح الأكثر إنفاقًا: السياح الذين يزورون الدول بهدف حضور المؤتمرات يتميزون بقدرتهم الشرائية العالية، مما يسهم في رفع معدلات الإنفاق السياحي.
- تنشيط السياحة في مواسم الركود: تساهم المؤتمرات في زيادة الطلب على الخدمات السياحية خلال فترات الركود، مما يخلق فرص عمل ويعزز الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسياحة.
- تسويق الوجهات السياحية: تسهم المؤتمرات في إبراز هوية الدول المضيفة وتسويقها كوجهات سياحية مميزة، مما يزيد من فرص تكرار الزيارة وتعزيز سمعتها العالمية.
نجاحات عالمية في سياحة المؤتمرات
- سنغافورة
تتميز سنغافورة بموقعها الاستراتيجي ومرافقها الحديثة، مما يجعلها وجهة مثالية للمؤتمرات الدولية. تدعم الحكومة هذه الصناعة ببرامج مبتكرة وتوفير بيئة ملائمة للأحداث الكبيرة. - أستراليا
تجمع أستراليا بين الابتكار والبنية التحتية المتطورة، مما يجعلها وجهة جذابة للمؤتمرات في مجالات التكنولوجيا والأعمال. كما توفر بيئة جميلة وتجارب فريدة للمشاركين. - تايلاند
تعتبر تايلاند وجهة استوائية غنية بالتنوع الثقافي، مما يجذب المؤتمرات الدولية. تدعم الحكومة الأحداث الكبرى من خلال تحسين البنية التحتية والمرافق. - كوريا الجنوبية
تواصل كوريا الجنوبية التفوق في استضافة المؤتمرات بفضل بنيتها التحتية الحديثة وتطورها التكنولوجي. تشهد البلاد اهتمامًا عالميًا في مجالات متعددة، مما يجعلها وجهة مفضلة.
- اليابان
تعتبر اليابان رائدة في التكنولوجيا والابتكار، وتستضيف مؤتمرات بارزة في مجالات متنوعة. تسهم بيئتها الفريدة واحتضانها للبحث العلمي في نجاح الأحداث.
- إندونيسيا
تجذب إندونيسيا المؤتمرات الدولية بفضل موقعها الاستراتيجي والاهتمام الحكومي بتطوير البنية التحتية. تقدم البلاد أيضًا تجارب ثقافية غنية للمشاركين.
- ماليزيا
تجمع ماليزيا بين المرافق الحديثة والتنوع الثقافي، مما يجعلها مناسبة للمؤتمرات الاقتصادية والأعمال. تقدم البلاد تجارب فريدة ونشاطات ترفيهية للمندوبين. - إنجلترا
تعد إنجلترا مركزًا أكاديميًا عالميًا، مما يجعلها وجهة ممتازة للمؤتمرات الدولية. تتمتع البنية التحتية للبلاد بدعم كبير من مؤسساتها التعليمية. - إسبانيا
تتميز إسبانيا بنموها في الابتكار والتكنولوجيا، وتجذب المؤتمرات العالمية بفضل تنوع بيئاتها. توفر البلاد تجارب ثقافية غنية للمشاركين. - ألمانيا
تعتبر ألمانيا وجهة رائدة للمؤتمرات بفضل موقعها المركزي في أوروبا وتقدمها العلمي. تستضيف المدن الكبرى مؤتمرات متنوعة في مجالات عدة. - سويسرا
تجذب سويسرا المؤتمرات الدولية بموقعها المثالي وبنيتها التحتية القوية. تقدم البلاد تجربة فريدة للمشاركين مع مناظر طبيعية رائعة.
- الولايات المتحدة الأمريكية
تعتبر الولايات المتحدة من أكبر الدول في استضافة المؤتمرات، مع مدن رئيسية مثل نيويورك وشيكاغو تقدم مراكز مؤتمرات متطورة. تمتاز بوجود مراكز بحثية رائدة.
- كندا
تعتبر كندا وجهة بارزة للمؤتمرات بفضل مدنها الحديثة وتجاربها الفريدة. تحظى بسمعة قوية في التعليم العالي، مما يجذب الباحثين والأكاديميين.
نماذجنا العربية في صناعة سياحة المؤتمرات
أولاً: المملكة العرية السعودية
في ديسمبر 2022، توقع المجلس العالمي للسفر والسياحة في السعودية نمو قطاع سياحة المعارض والمؤتمرات 11% سنويا، للسنوات العشر المقبلة ما يجعله الأسرع نموا في الشرق الأوسط. فالمملكة تستهدف تستهدف بحلول 2030، تسجيل أكثر من 100 مليون زيارة، 45% منها محلية، مقابل 55% خارجية، بحسب تقارير عالمية.
بالفعل نجحت المملكة حتى الآن، حيث احتضنت مدينة الرياض فعاليات مؤتمر مينالاك للرفاهية والجذب السياحي 2024، والذي سلَّط الضوء على قوة صناعة الترفيه والمقومات السياحية في المملكة، ما دفعها نحو تنظيم مؤتمر المملكة للسفر الفاخر والأعمال “KBLT“، الذي شهدته العاصمة، مستهدفة:
- تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف العاملة في قطاع السفر الفاخر: يوفر المؤتمر منصة مثالية للشركات والفنادق ووكالات السفر والمستثمرين للتواصل وتبادل الخبرات.
- تقديم أحدث الاتجاهات والتطورات في صناعة السفر الفاخر: يناقش المؤتمر أحدث التقنيات والابتكارات التي تؤثر على قطاع السفر الفاخر، مثل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الواقع الافتراضي.
- تطوير المنتجات والخدمات السياحية الفاخرة: يساهم المؤتمر في تطوير المنتجات والخدمات السياحية الفاخرة لتلبية احتياجات العملاء المتزايدة.
- تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية كوجهة سياحية عالمية: يسعى المؤتمر إلى تسليط الضوء على المقومات السياحية للمملكة وجعلها وجهة جاذبة للسياح من مختلف أنحاء العالم.
ثانيًا الإمارات العربية المتحدة
تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أبرز الوجهات العالمية في سياحة المؤتمرات، حيث تتميز بمراكز مؤتمرات ذات طاقات استيعابية ضخمة ومجهزة وفقًا لأعلى المعايير الدولية. تمتاز الإمارات ببنية تحتية متطورة، تشمل فنادق فاخرة وخدمات راقية، بالإضافة إلى شبكة مطارات دولية تربطها بمعظم دول العالم، مما يجعلها مركزًا جاذبًا للمؤتمرات الدولية. هذا التطور في القطاع يعزز من مكانة الإمارات كوجهة مفضلة لسياحة الأعمال والمؤتمرات في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
لقد استضافت العاصمة أبوظبي فعاليات معرضي ومؤتمر الأنظمة غير المأهولة “يومكس” والمحاكاة والتدريب “سيمتكس” بمشاركة قياسية بلغت أكثر من 214 من كبريات الشركات المحلية والعالمية المتخصصة، تمثل أكثر من 35 دولة. خلال عام 2023 فازت دبي بـ 349 عطاء لاستضافة فعاليات ومؤتمرات أعمال، بزيادة قدرها 49% مقارنة بالعام 2022؛ لتسجل بذلك إنجازاً جديداً يضاف إلى سجلها الحافل، وتلك نتيجة للجهود المستمرة لـ “فعاليات دبي للأعمال”، المكتب الرسمي لجذب الفعاليات والمؤتمرات في دبي.
وعلى الرغم من أن بعض هذه الفعاليات تم عقدها في العام الماضي، فإن العديد من الفعاليات التي تم الفوز بها سوف تقام خلال السنوات المقبلة حتى عام 2029.
ثالثًا: جمهورية مصر العربية
تعتبر سياحة المؤتمرات والمعارض جزءًا هامًا من القطاع السياحي في مصر، حيث يستفيد هذا النمط السياحي من الموقع الجغرافي المميز لمصر ومكانتها السياسية. تستضيف مصر العديد من المؤتمرات الدولية سنويًا في مجالات متعددة، مثل السياسة والاقتصاد والثقافة والطب والمهن المختلفة. هذا النوع من السياحة يعزز الاقتصاد المحلي من خلال الإنفاق الكبير للسياح القادمين لحضور هذه الفعاليات، كما يسهم في تسليط الضوء على الوجهات السياحية المصرية على المستوى الدولي، ما يدعم مكانة مصر كمقصد سياحي عالمي.
يُعد مركز القاهرة الدولي للمؤتمرات الوجهة الرائدة لسياحة المؤتمرات في مصر، بفضل ما يقدمه من إمكانيات فنية وتكنولوجية متقدمة، تشمل تجهيزات سمعية وترجمة فورية بعدة لغات. تم إضافة مساحة تبلغ 12 ألف متر مربع إلى المركز، لتلبية الطلب المتزايد على استضافة المعارض والمؤتمرات. بالإضافة إلى ذلك، حققت مصر نجاحًا ملحوظًا في استقطاب مؤتمرات مهنية دولية، وتوقيع بروتوكولات تعاون مثل الاتفاق بين مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار وقطاع المتاحف لإنشاء قواعد بيانات عن المتاحف المصرية الكبرى.
ختامًا، تظل سياحة المؤتمرات فرصة لتبادل ثقافي تنموي، تفتح آفاقًا سياحية تجمع مجالات الاقتصاد والتجارة والتسويق .. وغيرها.