جنيفر كرونين .. مديرة فنادق تعيد تشكيل مفهوم الضيافة
صاحبت الأزمات مهنة جنيفر كرونين الفندقية. كانت تعمل في سنغافورة خلال هجمات 9/11 الإرهابية في 2001 ووباء سارس في 2003، وفي بانكوك خلال احتجاجات القمصان الحمراء في 2010. وشهدت هونج كونج مظاهرات مناهضة للحكومة في 2019 وهي الآن تواجه وباء آخر.
تشكلت قدرتها على التعامل مع الشدائد في وقت مبكر من حياتها. فقد فقدت والدتها ووالدها وشقيقين أكبر منها عندما كانت تبلغ من العمر 18 عاما.
تقول رئيسة فنادق وورف التي يوجد مقرها في هونج كونج: “لقد رأيت بالفعل هذا الحزن والتحديات التي جلبها معه، و(تعلمت) كيف أكون قادرة على مواجهة الصعوبات والخروج منها”.
كرونين (61 عاما) حاصلة على درجة الدكتوراه في قيادة إدارة الأزمات، وهي تستمد الإلهام أيضا من نسخة مشروحة بشدة من كتاب مارجو موريل وستيفاني كابريل “طريق شاكلتون”، وهو واحد من مجموعة منتقاة من السير الذاتية. إنها معجبة بتفاني المستكشف لفريقه لدرجة أن قصة رحلة إرنست شاكلتون الاستكشافية إلى القطب الجنوبي هي قراءة إلزامية لمديري فندقها.
ظهر آخر تحد لها في ليلة رأس السنة الجديدة 2019، عندما علمت لأول مرة بمرض غامض في ووهان في الصين.
أثناء وجودها في المنزل في أستراليا لعيد الميلاد، تلقت بريدا إلكترونيا حول سلسلة من حالات الالتهاب الرئوي المقلقة من أحد أعضاء فريقها في مدينة يبلغ عدد سكانها 11 مليونا، وهي نقطة الصفر فيما أصبح تفشي كوفيد – 19.
تمتلك المجموعة فندقا من فئة الخمس نجوم في ووهان، عاصمة مقاطعة هوبي، وهو واحد من تسعة فنادق تديرها في الصين القارية. اتصلت كرونين على الفور بالمدير العام المحلي، لي وينج واي، الذي عزز بروتوكولات النظافة. أغلقت السلطات الصينية مدينة ووهان في 23 كانون الثاني (يناير)، وهي الأولى من بين كثير من المدن الكبرى التي لاقت هذا المصير.
تخلى لي وزوجته في وقت لاحق عن مقاعدهما في رحلة إجلاء للمواطنين الماليزيين للبقاء مع فريقه. تقول بفخر: “هذا ما يفعله القائد، أن تفعل ما يجب فعله، وأن تكون مثالا يحتذى به”.
وجدت كرونين نفسها في وضع مماثل خلال فترة وجودها في فندق جراند حياة في سنغافورة خلال فيروس سارس. دائما على استعداد للتشمير عن ساعديها، حتى أنها أحضرت زوجها لغسل الأطباق معها في المطبخ بعد أن توقف الفندق عن توظيف موظفين بدوام جزئي.
بعد 17 عاما لا يزال الفريق يتذكر جهودهما باعتزاز. تقول: “أعتقد أن الناس يريدون فقط أن يعرفوا أننا نساندهم وأنهم يساندوننا”.
منذ كانون الثاني (يناير)، مثل جميع شركات السياحة، تضررت فنادق وورف بشدة من الوباء.
تمكن البر الرئيس الصيني من قمع الفيروس وعادت الحياة إلى طبيعتها إلى حد كبير. مع ذلك، لا تزال هونج كونج، حيث يقع مقر كرونين، تكافح مع موجات متكررة من العدوى.
وحتى قبل التقارير الواردة من ووهان، كانت كرونين تضع خططا لمواجهة أزمة منفصلة في هونج كونج.
لقد وجهت أشهر الاضطرابات الاجتماعية ضربة لقطاع الفنادق في المنطقة. في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 انخفض عدد الزوار أكثر من النصف على أساس سنوي.
مع انتشار الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في جميع أنحاء المدينة، أصبحت فنادق هونج كونج ضحايا عن غير قصد. تسرب الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته الشرطة إلى الردهات وغمرت خراطيم المياه واجهات الفنادق، ما شوه سمعة المنطقة وجهة آمنة للسياح والمسافرين من رجال الأعمال.
عندما أوقف الوباء السياحة تماما، استندت إلى تجربتها خلال سارس في سنغافورة. أطلق وورف حزما للإقامة الفندقية المحلية المعروفة باسم staycations، وخفض التكاليف، وشكل تحالفات مع مجموعات فندقية أخرى للحفاظ على القطاع واقفا على قدميه واستعادة الثقة بهونج كونج باعتبارها وجهة للسياح والمسافرين.
كانت المجموعة التي شكلتها في أواخر 2019، للتصدي لتأثير الاحتجاجات، موجودة بالفعل لمواجهة حالة الطوارئ الصحية. وحدت ست مجموعات فندقية أخرى في هونج كونج، مثل مجموعة فنادق ماندارين أورينتال وفنادق بينينسولا، لتشكل هيريتدج توريزم براندز Heritage Tourism Brands .
تقول: “في ذلك الوقت كانت (المجموعة) تنجو من الاضطرابات الاجتماعية. لذلك عندما بدأ كوفيد الانتشار، بدأنا بعد ذلك في تشارك (…) كيف نتعامل مع هذه الأزمة وكيف كنا نتعامل معها بشكل فردي”.
أطلقت مجموعة هيريتدج توريزم براندز أيضا عروضا ترويجية لبطاقات الائتمان، وبرنامجا يتبادل فيه الأعضاء تفاصيل الموظفين الذين تم تسريحهم أخيرا، في حال كان هناك من يتطلع إلى استجلاب موظفين. وتمت دعوة المجموعة للمشاركة في فريق عمل القطاع التابع لمجلس السياحة، للمساعدة على إعادة بناء سمعة المدينة.
فرض حظر على السياح أجبر كرونين وفريقها على إعادة تقييم أنموذج الشركة. غيرت فنادق وورف طريقة تفكيرها وقررت معاملة فنادقها مثل السفن السياحية.
نشرت الفنادق أجهزة فحص درجة الحرارة، ومطهرات اليدين، واتبعت اللوائح الحكومية في مطاعمها، واختارت عدم قبول إقامات الحجر الصحي لضمان سلامة الضيوف.
على الرغم من أن الحزم الشعبية تعني الإشغال الكامل في عطلات نهاية الأسبوع في فندق ذي ميري – أحدث فندق محلي للمجموعة – تقول كرونين إن الإقامة في عطلات نهاية الأسبوع “لن تكون بالضرورة مربحة للغاية”. مع ذلك، فهي تأمل أن يصبح هؤلاء الضيوف مدافعين عن هذه التجربة.
تقول كرونين إن الخطوة التالية في انتعاش هونج كونج بعد الوباء ستكون فتح الحدود من خلال فقاعات السفر الجوي، مشيرة بخيبة أمل إلى أنه تم تعليق مخطط مع سنغافورة بسبب تزايد الإصابات.
وفقا للمجموعة، معدل الإشغال في فنادق المجموعة البالغ عددها 16 فندقا في البر الصيني وهونج كونج والفلبين، بلغ 44 في المائة بين تشرين الأول (أكتوبر) 2019 وتشرين الأول (أكتوبر) 2020، منخفضا 38 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
على الرغم من ذلك، تجنبت فنادق وورف تسريح الموظفين من خلال إعادة توزيع العاملين على الشركات الأخرى التابعة للشركة الأم وخفضت التكاليف عن طريق شراء عدد أقل من الزهور الطازجة، إضافة إلى إغلاق عدة طوابق، مثلا.
“لكن لا يمكن أن يستمر هذا إلى الأبد وعلينا أن نكون مدركين لذلك (…) وهذا ليس فقط من تحليل الأرقام. نحن نتعامل مع حياة الناس هنا”، كما تقول، مشيرة إلى أن استمرار حالة عدم اليقين يسبب قلقا بين الموظفين.
في الوقت الذي تواجه فيه هونج كونج الموجة الرابعة من الإصابات ومزيدا من القيود على شركات الضيافة، تواصل كرونين عملها بلا هوادة.
على الرغم من تفانيها في القراءة، إلا أن لديها القليل من الوقت بين يديها وتحيرها الإعلانات الموجودة في صندوق الوارد الخاص بها، التي تشير إلى كيفية قضاء تلك اللحظات الخالية من الوباء.
تضحك قائلة: “يعتقدون أننا جميعا نجلس في المنزل بملابس النوم”. أضافت: “نحن جميعا نعمل بجد أكثر من أي وقت مضى، أثناء الأزمات، أنت تعمل بجدية أكبر، ولا تعمل أقل”.