هل يمكن لفندق أن يصنع جمهورًا مثل نجم في شبكات التواصل؟
إم إيه هوتيلز – خاص
في عصرٍ يتجاوز فيه التفاعل عدد الغرف، لم يعد السؤال: كم نزيلًا استقبل الفندق هذا العام؟
بل أصبح: كم متابعًا يتفاعل معه كل يوم؟
الفنادق الحديثة لم تعد مؤسسات ضيافة فحسب، بل علامات مؤثرة في شبكات التواصل الاجتماعي.
تمامًا كما يبني الفنان أو المؤثر قاعدة جماهيرية من المحبين،
تسعى الفنادق اليوم إلى بناء جمهور من النزلاء المتفاعلين والمخلصين،
الذين يتابعونها، يشاركون محتواها، ويدافعون عن تجربتها كما لو كانت شخصية عامة.
إنها مرحلة جديدة من التسويق الفندقي،
حيث تتحول العلامة من كيان مادي إلى شخص رقمي له صوت، وهوية، وشخصية، ومتابعون.
من الإقامة إلى التأثير
في الماضي، كان حضور الفندق يقتصر على الموقع الإلكتروني أو كتيّب الخدمات.
أما الآن، فكل فندق ناجح يملك حسابًا على “X” و“إنستغرام” و“تيك توك”
ينشر القصص، الصور، والمشاعر — لا مجرد الأسعار والعروض.
يقول تقرير “Hospitality Social Pulse 2025” إن 74٪ من نزلاء الفنادق يقرّرون الحجز بعد متابعة حساب الفندق على المنصات الاجتماعية،
بينما يتابع 61٪ من المستخدمين حسابات فنادق لم يزوروها بعد، لأنهم يشعرون بأنها تلهمهم مثل المؤثرين.
بمعنى آخر، الفندق أصبح مؤثرًا بصورته وسرده وصدقه،
لا بإعلاناته فقط.
من الحساب الرسمي إلى الشخصية الرقمية
الفندق الذي يصنع جمهورًا لا يتحدث كمنشأة، بل كشخص.
يمتلك لغة، نبرة، وروحًا ثابتة تجعل الجمهور يعرفه من أول منشور.
في W Hotels مثلًا، اللغة الجريئة والمرحة جعلت العلامة صوتًا شابًا في عالم الضيافة.
أما The Ritz-Carlton، فتعتمد أسلوبًا راقيًا هادئًا يوحي بالثقة والتاريخ.
كل منشور، تعليق، أو صورة يُدار كجزء من شخصية الفندق، لا مجرد حساب إداري.
هذا التحول نحو “Digital Personality” جعل الفنادق تُبنى كعلامات تفاعلية تشبه الشخصيات العامة.
من الجمهور إلى المجتمع
الفرق بين فندق ناجح وفندق مؤثر هو أن الثاني لا يكتفي بالمتابعين،
بل يصنع مجتمعًا حول تجربته.
النزلاء القدامى يجيبون على أسئلة الجدد،
والمتابعون يشاركون محتوى الفندق كأنهم جزء من فريقه.
في Four Seasons Riyadh، على سبيل المثال، تُعاد مشاركة صور النزلاء عبر الوسم #MyFourSeasonsMoment
ليصبح الحساب مساحة جماعية يتحدث فيها الضيوف بدلًا من الفندق نفسه.
هذه المشاركة تخلق انتماءً يتجاوز الولاء،
فتتحول العلامة إلى منصة عاطفية يعيش فيها الناس تجربة الضيافة افتراضيًا.
السعودية.. من الضيافة إلى الحضور الرقمي
في المملكة العربية السعودية، يشهد القطاع الفندقي قفزة في التواصل الرقمي
مع توسع السياحة الداخلية ومشاريع الوجهات الكبرى مثل البحر الأحمر ونيوم والعلا.
فنادق مثل شذا المدينة وفيرمونت الرياض وروزوود جدة لم تعد تكتفي بالعروض التقليدية،
بل تنتج محتوى متنوعًا يشمل القصص المصورة، مقابلات الموظفين، وإبراز تجارب النزلاء في مقاطع قصيرة تفاعلية.
الحسابات الفندقية السعودية باتت تتنافس على المشاهدات مثل المؤثرين،
وتقيس نجاحها بعدد التفاعلات لا بعدد الحجوزات فقط،
لأن الولاء اليوم يبدأ على الشاشة قبل أن يصل إلى الغرفة.
من التسويق إلى السرد
السر في بناء جمهور حقيقي هو السرد الإنساني.
الناس لا تتفاعل مع العروض، بل مع القصص التي تلمس مشاعرهم.
الفنادق التي تشارك قصص الموظفين، لحظات النزلاء، أو مواقف خلف الكواليس،
تُنشئ علاقة دافئة تجعل المتابع يشعر بأنه يعرف الفندق من الداخل.
في “Jumeirah Hotels”، مثلًا، حملة “Inside Jumeirah” أظهرت لقطات من حياة الطهاة والفريق اليومي،
وحققت ملايين المشاهدات لأنها قدّمت الصدق بدل التجميل.
هكذا يبنى الجمهور: عبر الحكاية، لا عبر الصياغة الدعائية.
فريق ضيافة يتفاعل بروح إنسانية تصنع لحظات قابلة للتوثيق والمشاركة

ردهة فندقية فاخرة تُستخدم كمشهد لتصوير المحتوى الإبداعي على وسائل التواصل

مدير التواصل الرقمي للفندق يتابع التفاعل اليومي مع جمهور المنصات الاجتماعية

المؤثر الفندقي الجديد
الفندق العصري لا يعتمد على المؤثرين فقط، بل يصبح هو المؤثر.
يملك سرديته الخاصة، ويقود المحادثة بدل أن ينتظر المشاركة.
عندما ينشر The Peninsula Paris مقطعًا يظهر فيه الشيف يعدّ وصفة حصرية،
فهو لا يروّج لطبق، بل يصنع محتوى ملهمًا يجذب عشاق الطعام حول العالم.
أما “Soneva Maldives”، فتعرض مشاهد الاستدامة البيئية بأسلوب بصري يجمع بين الفن والسفر والوعي،
فيصبح الجمهور متابعًا مخلصًا للرسالة قبل العلامة.
هكذا يتحول الفندق إلى مؤسسة إعلامية صغيرة تُنتج محتوى إنسانيًا متجددًا،
يُنافس نجوم الشبكات من حيث الحضور والتأثير.
الذكاء الاصطناعي وصناعة الجمهور
في عصر البيانات، تعتمد الفنادق على تحليل السلوك الرقمي لفهم جمهورها بدقة.
تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتحديد أفضل أوقات النشر، أكثر المواضيع جذبًا،
ونوع المحتوى الذي يولّد أعلى معدلات التفاعل.
الذكاء الاصطناعي أيضًا يساعد في تخصيص الردود،
بحيث يتلقى المتابع رسالة مصاغة وفق اهتمامه وسلوك تفاعله مع الحساب.
النتيجة؟ تجربة رقمية شخصية يشعر فيها المتابع أن الفندق يتحدث إليه لا إليه فقط.
من الضيف إلى المتابع المخلص
الولاء الفندقي في 2025 لا يُقاس بعدد الليالي،
بل بعدد الإعجابات والمشاركات والتفاعلات.
الفندق الذي يجعل نزيله يتفاعل معه بعد مغادرته،
هو فندق يمتلك جمهورًا حقيقيًا، لا مجرد عملاء عابرين.
ففي النهاية، المؤثر ليس من يملك جمهورًا كبيرًا،
بل من يملك جمهورًا متفاعلًا يؤمن بتجربته.
والفنادق التي تفهم هذا التحوّل تصنع ولاء رقميًا ممتدًا يتجاوز الجدران.
س: هل يمكن لفندق أن يصبح مؤثرًا مثل نجم شبكات التواصل؟
ج: نعم، حين يتعامل مع جمهوره كعائلة رقمية ويُشاركهم القصص والتجارب لا العروض فقط.
س: ما الفرق بين التسويق الفندقي التقليدي وصناعة الجمهور؟
ج: التسويق يبيع الغرف، بينما صناعة الجمهور تبني علاقة طويلة الأمد قائمة على المشاعر والهوية.
س: كيف تلعب السعودية دورًا في هذا التحول؟
ج: عبر تطوير هوية رقمية متكاملة لقطاع الضيافة ضمن رؤية 2030، حيث تُصبح الفنادق واجهات ثقافية مؤثرة.
س: ما دور الذكاء الاصطناعي في بناء جمهور الفندق؟
ج: يساعد في تحليل التفاعل وتصميم المحتوى وفق السلوك الرقمي للجمهور لتحقيق أقصى تأثير وولاء.
اقرأ أيضًا: المحتوى الذي لا يُقاوم.. كيف تصمم تجربة تستحق النشر؟





