لماذا تتحول الفنادق إلى منصات للثقافة والفن؟
إم إيه هوتيلز – خاص
منذ عقود كانت الفنادق تُعرّف نفسها بالموقع والخدمة والرفاهية،
أما اليوم، فالمعادلة تغيّرت: الفنادق لا تكتفي باستضافة النزلاء، بل أصبحت تستضيف الثقافة والفن أيضًا.
لقد تحوّل الفندق من مساحة إقامة إلى منصة تفاعلية تُعبّر عن هوية المدينة وروحها،
ومن مكان للمبيت إلى فضاء للحوار الفني والإبداع البشري.
في عصر السفر التجريبي، لم يعد المسافر يبحث فقط عن سرير مريح، بل عن تجربة تُغذي حواسه وثقافته.
وهنا، بدأت الفنادق تكتشف أن الفن هو أقصر طريق إلى التميّز والتأثير والذاكرة.
من الخدمة إلى القصة الفنية
الفخامة وحدها لم تعد كافية.
النزيل العصري يريد تجربة تحمل معنى، ولهذا بدأت العلامات الفندقية تستخدم الفن كوسيلة لسرد القصة.
في فندق The Ritz-Carlton Riyadh، تمتزج الفخامة الكلاسيكية مع قطع فنية تعكس التراث السعودي المعاصر.
بينما في W Dubai – The Palm، تُحوّل الأعمال الجدارية والضوء والموسيقى كل زاوية إلى عرض فني مستمر.
الفن هنا ليس ديكورًا، بل لغة تواصل بين العلامة والنزيل.
كل لوحة، كل نغمة، كل مجسّم، يروي جزءًا من هوية المكان.
الثقافة كقيمة مضافة
تُدرك الفنادق الحديثة أن الثقافة لم تعد ترفًا بل عنصرًا من عناصر التجربة الفندقية.
المعرض الفني في الردهة، الحفلة الموسيقية في المساء، ورشة الخط العربي في الصباح — كلها أدوات لتوسيع معنى “الضيافة”.
في “Mandarin Oriental Bangkok”، تنظم إدارة الفندق معارض دورية للفنانين المحليين داخل الردهات.
وفي “Sofitel Legend Metropole Hanoi”، تُستحضر الحكايات التاريخية من القرن الماضي عبر عروض موسيقية حية في ساحة الفندق.
هكذا، تتحول الإقامة إلى رحلة ثقافية داخل الفندق نفسه،
فتغدو الضيافة منصة تعليم وإلهام، لا مجرد خدمة فندقية.
الفن كاستثمار في الذاكرة
العلامات الفندقية العالمية أدركت أن الزائر لا يحتفظ بفاتورة الإقامة، بل بلقطة من التجربة.
لهذا تستثمر الفنادق في الفنون البصرية والموسيقية والمسرحية لخلق “لحظات قابلة للتذكر”.
في “Le Royal Monceau – Raffles Paris”، يضم الفندق معرضًا فنيًا خاصًا ومكتبة فنية تحتوي على آلاف الكتب.
أما “21c Museum Hotels” في الولايات المتحدة، فهي سلسلة كاملة تقوم على فكرة أن الفندق نفسه متحف مفتوح.
هكذا يُصبح الفن وسيلة لصنع الولاء،
لأن النزيل الذي يعيش لحظة فنية لن ينساها، سيعود ليعيشها مجددًا.
السعودية.. الفن بوصفه ضيافة
في المملكة العربية السعودية، يتحول مفهوم الفن في الضيافة إلى جزء من رؤية ثقافية شاملة.
فمن جدة إلى العلا والدرعية، لم تعد الفنادق مجرد مبانٍ، بل معالم ثقافية تعبّر عن التراث والحداثة في آنٍ واحد.
في فندق العلا “Habitas”، تُصمم الفعاليات الثقافية لدمج النزلاء في بيئة الفن الطبيعي، حيث تُعرض المنحوتات في الهواء الطلق كامتداد للتجربة الصحراوية.
أما فندق ذا هاوس أوف عمارية في الرياض، فيستضيف معارض لفنانين محليين تحت شعار “الضيافة تلتقي بالإبداع”.
تسعى وزارة السياحة وهيئة الفنون البصرية وهيئة فنون العمارة والتصميم إلى تحويل الفنادق إلى مسارح ثقافية صغيرة تعكس الوجه الإبداعي للمملكة، وتدعم الصناعات الإبداعية ضمن رؤية 2030.
ردهة فندقية حديثة تُعرض فيها أعمال فنية معاصرة لفنانين محليين

نزلاء يشاركون في ورشة فنية داخل فندق فاخر في العلا

تجربة ضيافة سعودية تمتزج فيها الفخامة بالفن والهوية الثقافية

الضيافة الإبداعية كاتجاه عالمي
الضيافة الإبداعية (Creative Hospitality) أصبحت الاتجاه الجديد في صناعة الفنادق.
إذ لم تعد التجربة تُقاس بعدد النجوم، بل بعدد اللحظات الثقافية التي عاشها النزيل.
الفنادق الآن تتعاون مع المتاحف ودور الأزياء وصالات العرض لتصميم برامج إقامة ثقافية تشمل الجولات الفنية، المحاضرات، والعروض التفاعلية.
في “The Art Hotel Denver”، على سبيل المثال، يُمنح النزيل فرصة لقاء الفنانين المقيمين داخل الفندق.
إنها عودة الإنسان إلى جوهر الفن عبر الضيافة.
التكنولوجيا تدعم الفن لا تستبدله
حتى في عصر الذكاء الاصطناعي، لم يختفِ دور الفن في الفنادق، بل تعزّز عبر الأدوات الرقمية.
الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) أصبحا وسيلتين لعرض الفن بأساليب جديدة.
يمكن للنزيل أن يشاهد لوحة تتفاعل معه أو يسمع صوت الفنان وهو يشرح عمله.
الفن الرقمي اليوم جزء من الهوية البصرية للفنادق الفاخرة مثل “The Peninsula Tokyo” و“ME Dubai”.
هذه التجارب تجمع بين الإبداع الإنساني والتقنية الذكية، لتقدّم بعدًا جديدًا للثقافة في الضيافة.
الفن كأداة للتنوع الثقافي
في عالم السفر العالمي، الفن هو اللغة المشتركة التي تُزيل الحواجز.
حين يدخل النزيل إلى فندق في الرياض أو نيويورك أو باريس ويجد لوحة تعبّر عن تراث محلي، فهو يتعرّف على هوية المكان دون كلمات.
الفن يخلق جسورًا ثقافية غير ناطقة بين النزلاء من خلفيات مختلفة، ويحوّل الفندق إلى مساحة للتفاهم الإنساني.
إنه الوجه الإنساني للعولمة السياحية.
من الإقامة إلى الإلهام
الفندق العصري لم يعد يكتفي بأن يُريح الجسد، بل يسعى إلى إلهام العقل.
ولهذا، تتجه العلامات الفندقية إلى تحويل الإقامة إلى تجربة فكرية.
يستضيف فندق “Armani Milano” جلسات نقاش فنية، بينما ينظم “Park Hyatt Tokyo” أمسيات موسيقية مستوحاة من فن الجاز الياباني.
هكذا تُصبح الفنادق مختبرات للثقافة المعاصرة، حيث يلتقي الجمال بالمعرفة والضيافة بالفكر.
س: لماذا تلجأ الفنادق إلى دمج الفن في هويتها؟
ج: لأن الفن يمنح التجربة معنىً يتجاوز الإقامة، ويُعزّز الذاكرة العاطفية للنزيل.
س: كيف تساهم السعودية في دعم الفن الفندقي؟
ج: من خلال مشاريع ثقافية وسياحية تجعل الفن جزءًا من هوية الفندق الوطني في العلا والدرعية وجدة.
س: هل الفن مجرد عنصر جمالي في الفنادق؟
ج: لا، بل أداة تواصل وبناء هوية تميّز العلامة عن غيرها وتمنحها بعدًا ثقافيًا.
س: هل تؤثر التكنولوجيا على الفن الفندقي؟
ج: نعم، لكنها تدعمه عبر تقنيات العرض والتفاعل مثل الواقع الافتراضي والرقمي.
اقرأ أيضًا: تقييم واحد سلبي.. هل يدمر صورة الفندق الرقمية؟





