لماذا تعود بعض الفنادق الكلاسيكية إلى الخشب والرخام الطبيعي؟
إم إيه هوتيلز – خاص
بعد سنوات من الانبهار بالتصميم العصري والأقمشة الاصطناعية والأسطح المعدنية اللامعة، يشهد عالم الضيافة الفاخرة عودة قوية إلى المواد الطبيعية، وعلى رأسها الخشب والرخام.
لكن هذا ليس حنينًا إلى الماضي، بل إعادة اكتشافٍ للأصالة والحسية التي افتقدها التصميم الصناعي المفرط في الحداثة.
الفنادق الكلاسيكية تعود إلى تلك المواد ليس لأنها قديمة، بل لأنها تحمل ذاكرةً حسية ودفئًا إنسانيًا لا يمكن تقليده بالمواد الصناعية.
في زمن تتحول فيه التجارب الرقمية إلى العادة، باتت الملامس الطبيعية هي ما يُعيد الإنسان إلى جذوره.
الخشب.. دفء لا تُقدّمه التكنولوجيا
الخشب في التصميم الفندقي ليس مجرد خامة، بل كائن حيّ يتنفس الجمال.
تتفاعل أليافه مع الضوء والحرارة والرطوبة، ما يمنح المكان دفئًا بصريًا لا يمكن لأي مادة أخرى أن تقدمه.
في الفنادق الكلاسيكية مثل “The Connaught London” و“The Peninsula Paris”، يُستخدم الخشب الطبيعي في الجدران والأرضيات ليُعطي للنزيل إحساسًا بالاستقرار والحميمية.
وتُشير دراسات من “Environmental Psychology Journal 2025” إلى أن الأماكن التي تحتوي على عناصر خشبية تزيد من إفراز هرمون السيروتونين المرتبط بالراحة والهدوء.
الخشب أيضًا يرمز إلى الديمومة والاستدامة، وهو ما يتماشى مع التوجه العالمي نحو الضيافة البيئية المستدامة.
كل قطعة خشب طبيعية هي حكاية من الطبيعة تُروى في كل غرفة.
الرخام.. فخامة اللمس والبصر
أما الرخام الطبيعي، فهو المادة التي تجمع بين القوة والرقي.
إنه العنصر الذي كان ولا يزال رمزًا للفخامة الملكية في القصور والفنادق الكبرى، لكنه اليوم يعود بشكل جديد: بعيد عن البهرجة، قريب من النقاء.
في فندق “Four Seasons Florence”، يُستخدم الرخام الأبيض لتغطية المساحات المفتوحة بلمسة ناعمة تعكس الضوء الطبيعي، وتحوّل كل سطح إلى مرآة للسكينة.
وفي “The St. Regis Cairo”، يمتزج الرخام المصري الذهبي بالخشب الداكن ليخلق توازنًا بين الدفء والبريق.
العودة إلى الرخام الطبيعي ليست ترفًا بصريًا، بل تأكيد على الحقيقية الملموسة في عالم افتراضي.
فالنزيل يريد أن يشعر بالملمس الحقيقي لا بالطلاء اللامع.
فلسفة العودة إلى الطبيعة
هذه العودة ليست نزعة جمالية عابرة، بل جزء من حركة عالمية تُعرف باسم “Raw Luxury” أو الفخامة الخام، وهي فلسفة تجمع بين الأصالة والشفافية المادية.
تسعى هذه الفلسفة إلى أن تُظهر المواد كما هي، دون طلاء أو إخفاء.
يُصبح الخشب بخشبه، والرخام بعروقه الطبيعية، والجلد بملمسه الأصلي.
إنها عودة إلى الحقيقة المادية وسط عصرٍ من الزيف الصناعي.
الفندق هنا لا يتجمّل، بل يكشف جوهره، كأنه يقول: الجمال لا يحتاج إلى قناع.
التصميم الكلاسيكي بروح معاصرة
العودة إلى المواد الطبيعية لا تعني التخلي عن الحداثة، بل دمجها بذكاء.
ففي فندق “Mandarin Oriental Madrid”، تمتزج أعمدة الرخام التقليدية بإضاءة LED حديثة تمنحها حيوية جديدة.
وفي “Raffles Singapore”، تُستخدم الأخشاب القديمة المعاد تدويرها مع الزجاج الشفاف لتوليد توازن بين الماضي والمستقبل.
النتيجة: تصميم يجمع بين عبق التاريخ وروح التكنولوجيا الهادئة.
إنه الجسر الذي يصل بين الإنسان المعاصر وإحساسه الغريزي بالجمال الطبيعي.
الحواس الخمس في التجربة الكلاسيكية
الأخشاب والرخام لا يخاطبان العين فقط، بل كل الحواس.
صوت الخطوات على أرضية الرخام يمنح شعورًا بالقوة، ورائحة الخشب تثير الذاكرة القديمة، بينما برودة الحجر ولمعانه يخلقان توازنًا حسّيًا نادرًا.
تقول المصممة البريطانية “مارغريت هاو”:
“الفندق الكلاسيكي لا يُقنعك بالفخامة، بل يجعلك تشعر بها دون أن تفكر.”
وهذا الإحساس لا يأتي من التكنولوجيا، بل من الملامس الصادقة التي تنتمي إلى الطبيعة.
الاستدامة.. الوجه الحديث للكلاسيكية
المواد الطبيعية عادت أيضًا لأنها أكثر استدامة.
الخشب المعاد تدويره، والرخام المحلي المستخرج بطرق صديقة للبيئة، أصبحا جزءًا من سياسة الفنادق الجديدة التي تُوازن بين الفخامة والمسؤولية.
في “Habitas AlUla” و“Six Senses Ibiza”، تُستخدم المواد الخام لإعادة تعريف الراحة البيئية، لتكون الغرفة جزءًا من النظام الطبيعي لا مفصولة عنه.
هذه العودة ليست رجوعًا إلى الماضي، بل مستقبلًا مستدامًا بوجه كلاسيكي.
ردهة فندقية كلاسيكية تستخدم الرخام الطبيعي كعنصر فخامة هادئة

غرفة فندقية بأرضيات خشبية طبيعية تمنح شعورًا بالدفء والسكينة

تصميم داخلي فاخر يمزج بين الرخام الأبيض والخشب الداكن بتوازن بصري راقٍ

الفخامة الأصيلة.. حين تتكلم المواد
يقول الخبراء إن السبب الحقيقي وراء هذا الاتجاه هو حنين الإنسان إلى الملموس.
في عالمٍ يسوده الزجاج والإضاءة الاصطناعية، يبحث النزيل عن شيء يشعر به بأصابعه لا بعينيه فقط.
ولهذا أصبحت المواد الطبيعية لغة جديدة للصدق والطمأنينة.
الفنادق التي تُتقن هذا المزيج – مثل “Aman Venice” و“Rosewood Riyadh” – تُعيد تعريف الفخامة بأنها ليست في الكمية أو البريق، بل في الأصالة الحسية التي تجعل المكان حيًّا.
س: لماذا يعود التصميم الفندقي إلى الخشب والرخام؟
ج: لأنهما يقدمان دفئًا ولمسة إنسانية تفتقدها المواد الصناعية، ويعكسان استدامة وأصالة لا تزول بمرور الزمن.
س: هل تعتبر هذه العودة رجعية أم تطورًا؟
ج: هي تطور واعٍ، يوازن بين التكنولوجيا الحديثة وجمال الطبيعة، ويحوّل المواد القديمة إلى عناصر معاصرة.
س: ما علاقة هذه العودة بالاستدامة؟
ج: تعتمد الفنادق على الأخشاب والرخام الطبيعي المعاد تدويرهما كجزء من فلسفة الفخامة المسؤولة بيئيًا.
س: كيف تُطبّق السعودية هذا الاتجاه؟
ج: من خلال مشاريع مثل البحر الأحمر وأمالا التي تستخدم المواد المحلية لإبراز الهوية البيئية والثقافية للفخامة السعودية.
اقرأ أيضًا: الحد الأدنى أم التفاصيل الكثيفة.. مدارس الفخامة المتنافسة





