درجة حرارة الردهة.. هل تشكّل أول انطباع فسيولوجي للنزيل؟
إم إيه هوتيلز – خاص
ما إن تطأ قدم النزيل ردهة الفندق، حتى يبدأ جسده — قبل عقله — في إصدار الأحكام. ليس على الديكور، أو الموسيقى، أو الموظف خلف المكتب، بل على الهواء الذي يحيط به: هل هو بارد جدًا؟ خانق قليلًا؟ معتدل بشكل مريح؟ في هذه اللحظة تبدأ المعادلة الفسيولوجية التي قد ترفع أو تخفّض قيمة الانطباع الأول.
الانطباع الأول ليس دائمًا بصريًا
الكثير من إدارات الفنادق تركّز على تنسيق الألوان، الرائحة، الإضاءة، ومظهر الموظفين عند مدخل الفندق، لكنها تُغفل عنصرًا يُقاس جسديًا لا بصريًا: درجة الحرارة. الجسم البشري يلتقط التغير الحراري بسرعة، ويستجيب له فورًا. برد زائد بعد رحلة متعبة قد يسبب انقباضًا عضليًا أو ضيقًا، أما حرارة مرتفعة فتُثير التوتر والتعرق.
النزيل لا يُفكّر في هذه التفاصيل لفظيًا، لكنه يشعر بها فيزيائيًا، ويبدأ بتكوين انطباع عام عن “مدى الراحة” في هذا المكان، من دون أن يُدرك أن جهاز التكييف كان هو من كتب السطر الأول.
الراحة الحرارية.. مدخل إلى الطمأنينة
الهدف من الردهة ليس فقط إنهاء الإجراءات، بل خلق شعور بالأمان والاحتواء. وعندما تكون درجة الحرارة مدروسة، يشعر الضيف بأن الفندق “يفهمه”، ويُراعي راحته حتى قبل أن يُطلب منه شيء.
بعض الفنادق تتعامل مع ضبط التكييف كجزء من نظام الضيافة الحسي، حيث تُعدّل حرارة الردهة بشكل يومي بحسب حالة الطقس الخارجية، عدد الضيوف، وحتى توقيت اليوم.
الإفراط في التبريد.. خطأ شائع باسم الفخامة
رغبة بعض الفنادق في إظهار فخامة التبريد قد تؤدي إلى نتائج عكسية. التكييف البارد جدًا في الصيف — خاصة في دول الخليج — يُعطي الانطباع بأن الفندق “فاخر”، لكنه قد يربك الجسم، خاصة للضيوف القادمين من طقس مختلف، أو برحلات طويلة. التباين الحراري بين الخارج والداخل يجب أن يكون تدريجيًا، لا صادمًا.
الحرارة الزائدة، في المقابل، تخلق شعورًا بالضيق، وتجعل طابور الانتظار في الاستقبال تجربة مرهقة وغير مريحة.
التحكم الذكي بدرجة الحرارة.. رفاهية خفية
الفنادق التي تعتمد أنظمة تكييف ذكية تستطيع تقسيم الردهة إلى مناطق حرارية متفاوتة، أو التكيّف تلقائيًا مع حركة الأجساد ومستوى الرطوبة. هذه التكنولوجيا لا تُرى، لكنها تُحسّ، وهي من علامات الضيافة المستقبلية التي تُراعي الجسد كما تُراعي العقل.
حتى اختيار مواد البناء، وزجاج الواجهات، وموقع مداخل الهواء، كلها تؤثر على التوازن الحراري، وتلعب دورًا غير مرئي في خلق تجربة وصول سلسة.
الجو المناسب.. أساس لا يُقال لكنه يُشعَر
الضيف قد لا يشتكي من الحرارة مباشرة، لكنه قد يُصنّف الفندق بأنه “غير مريح” دون أن يُحدّد السبب. الشعور الحراري يُترجم إلى ارتياح أو انزعاج عام، ولهذا فإن التحكم بدرجة حرارة الردهة ليس خيارًا هندسيًا فقط، بل هو قرار ضيافي له أثر على الانطباع، التقييم، وربما نية العودة.
اقرأ أيضًا: عدد الوسائد على السرير.. كم وسادة تكفي لإرضاء النزيل؟





