هوية الفندق الثقافية.. هل يشعر النزيل بالغربة داخل التصميم المحايد؟
إم إيه هوتيلز – خاص
في سباق العالمية والامتداد الشبكي لسلاسل الفنادق، برز توجّه تصميمي يعتمد على “الحياد الثقافي”، حيث تصبح الغرف متشابهة، والردهة متطابقة، والتجربة قابلة للاستنساخ من هونغ كونغ إلى هامبورغ. لكن هذا الخيار الاستراتيجي، رغم ما يمنحه من اتساق، قد يُنتج فجوة عاطفية: هل يشعر النزيل بالانتماء أم بالغربة وسط تصميم بلا روح محلية؟
تصميم عالمي.. لكنه بلا ذاكرة
الفنادق الدولية غالبًا ما تلجأ إلى مفهوم “التصميم العالمي” الذي يُراعي الراحة والعملية ويُرضي أذواقًا متنوعة. النتيجة؟ مساحات أنيقة، مضاءة جيدًا، لكن مفرغة من الطابع المحلي. لوحة الحائط لا تُعبّر عن المدينة، والروائح لا تُذكّر بالثقافة، والألوان قد تكون مأخوذة من كتالوج عالمي لا من تراث المكان.
هذا النوع من التصميم قد يطمئن الضيف الذي يسافر كثيرًا ويبحث عن نمط مألوف، لكنه في الوقت ذاته يُقلّص تجربة الاكتشاف، ويُفرغ الفندق من عنصر “الهوية”، ليصبح أشبه بمحطة عبور، لا بيت ضيافة ينبض بالخصوصية.
الهوية الثقافية.. ما يبحث عنه المسافر المعاصر
النزيل في 2025 لا يبحث فقط عن سرير مريح، بل عن قصة، شعور، تجربة تُشبعه بصريًا وثقافيًا. لذلك، تزايدت قيمة ما يُعرف بـ “التصميم الغامر ثقافيًا”، حيث ينعكس الطابع المحلي في أدق التفاصيل: من مواد البناء إلى لهجة الموظف، من الأغاني في الممرات إلى طقوس تقديم القهوة.
الهوية لا تعني التكرار الفولكلوري، بل الذكاء في دمج العناصر الأصيلة ضمن بيئة عصرية. فالفندق في مراكش لا يجب أن يبدو كواحد في مانهاتن، ولا فندق في طوكيو يجب أن يُشبه نظيره في مدريد، وإلا فقدت كل مدينة نكهتها في عيون الضيف.
حين يفشل التصميم في التواصل
أخطر ما قد يقع فيه الفندق هو أن يجعل ضيفه يشعر بأنه في “لا مكان”. التصميم المحايد، حين يُبالغ فيه، يُسبب اغترابًا شعوريًا، حيث يفتقد الزائر إلى المراجع الثقافية التي تُشعره بالارتباط. لا رائحة خبز تقليدي، لا نسيج محلي، لا تفصيل معماري يُشبه البيئة الخارجية.
وهنا تبرز المفارقة: الفندق الذي يُبالغ في الحياد ليرضي الجميع، ينتهي به الأمر بعدم إرضاء أحد. تجربة بلا مرجع تعني إقامة بلا أثر.
الدمج الذكي.. مستقبل الضيافة الشخصية
الحل لا يكمن في التطرف أو التقليد، بل في الدمج الذكي. أن يظل الفندق عصريًا ومريحًا، لكن بملامح واضحة من الثقافة المحلية. سجادة مدروسة، تحفة مصنوعة يدويًا، قائمة طعام تعكس مطبخ المدينة، حتى شكل المفاتيح أو أسماء الغرف قد تكون أدوات قوية لبناء هوية لا تُنسى.
الفنادق التي تُعيد اكتشاف نفسها من خلال بيئتها، وتمنح الضيف فرصة التفاعل مع ما يحيط به، تحقق ولاءً أعمق من مجرد إقامة سلسة.
من التصميم إلى الانتماء.. أين تبدأ الضيافة؟
السؤال لم يعُد: “هل هذا الفندق مريح؟” بل: “هل شعرت أنني كنت في مكان مختلف؟”. الضيافة الحقيقية لا تبدأ عند الباب، بل من إحساس الزائر بأنه لا يكتفي بالنوم، بل يكتسب حكاية من المكان. هذه الحكاية لا تُبنى على الحياد، بل على وضوح الهوية، ودفء التفاصيل.
اقرأ أيضًا: غرفة رقم 404.. لماذا تتجنبها بعض الفنادق العالمية؟





