دور السياحة المستدامة في تعزيز الاقتصاد المحلي.. بين الفرص والتحديات
إم إيه هوتيلز – خاص
تُعد السياحة المستدامة اليوم أحد أبرز مسارات التنمية التي تراهن عليها الحكومات والمجتمعات المحلية، ليس فقط لحماية البيئة والثقافة، بل لتحفيز النمو الاقتصادي من القاعدة.
في بيئات ريفية، ساحلية، أو تراثية، تلعب السياحة المستدامة دورًا مزدوجًا: جذب الزوّار من الخارج، وتمكين السكان من الداخل، ما يجعلها أداة فعّالة لإعادة توزيع الدخل، تنويع النشاط الاقتصادي، وإحياء الصناعات التقليدية.
ومع تصاعد الاهتمام العالمي بهذا النمط من السياحة، تزداد الحاجة إلى فهم أعمق لكيفية استثمار هذه الفرص، وتجاوز التحديات التي قد تُعيقها في السياق المحلي.
فرص السياحة المستدامة.. من المنتج إلى المنظومة
توفّر السياحة المستدامة فرصًا اقتصادية ملموسة حين تُخطط بشكل تشاركي، وتشمل المجتمع المحلي في عملية التقديم والابتكار.
من خلال التركيز على السياحة البيئية، الثقافية، والتجريبية، يُمكن خلق نماذج أعمال جديدة قائمة على المنتجات اليدوية، الطعام المحلي، الإيواء الأسري، والجولات المصمّمة حسب الاهتمام. هذه الأنشطة لا تتطلب استثمارات ضخمة، لكنها تخلق تأثيرًا مضاعفًا على الاقتصاد المحلي من خلال تنشيط سلاسل التوريد القصيرة وتوليد دخل مباشر للأفراد.
تمكين المجتمعات.. عندما يصبح المواطن فاعلًا
واحدة من المميزات الكبرى للسياحة المستدامة هي قدرتها على إشراك السكان المحليين كأصحاب مصلحة مباشرين، لا فقط كعاملين أو مشاهدين.
في العديد من التجارب الناجحة، كان الحرفيون، المزارعون، أو مرشدو الطبيعة هم من يملكون المبادرة، ويقدّمون تجربة متفردة للزائر. هذا النموذج لا يخلق دخلًا فقط، بل يعيد الاعتبار للمعرفة المحلية، ويعزّز الانتماء والاعتزاز الثقافي.
التحديات.. بين ضعف التخطيط وتضارب المصالح
رغم هذه الإمكانات، تواجه السياحة المستدامة تحديات عدة. من أبرزها غياب السياسات المتخصصة، أو استراتيجيات التنمية السياحية طويلة المدى.
كما أن بعض الجهات قد تنظر إلى السياحة من زاوية العائد السريع فقط، دون اعتبار لاستدامة الموارد أو مشاركة المجتمع، مما يؤدي إلى تضارب في الأولويات، واستخدام مفرط للمناطق الحساسة، أو إقصاء الفئات المحلية من القرارات.
تشير التجارب إلى أن السياحة المستدامة لا يمكن أن تنجح دون حوكمة عادلة، تخطيط تشاركي، وإطار تنظيمي واضح يحمي البيئة والإنسان معًا.
من الترويج إلى بناء التجربة.. ماذا نحتاج الآن؟
لكي تؤتي السياحة المستدامة ثمارها اقتصاديًا، لا بد من إعادة تعريف الترويج السياحي ليعكس القيمة المحلية الحقيقية لا الصورة النمطية. لا يكفي عرض المواقع الطبيعية، بل يجب عرض القصص، المجتمعات، والحرف.
التحدي ليس فقط في جذب الزائر، بل في تصميم تجربة متكاملة تُقنعه بالبقاء، الإنفاق، والعودة. وهنا، يكون التنسيق بين القطاعين العام والخاص، وبين الجهات السياحية والبيئية، أمرًا حاسمًا في تحويل الإمكانات إلى واقع اقتصادي ملموس.
اقرأ أيضًا: تحليل سلوك المستهلك السياحي في مصر.. توجهات وتفضيلات متغيرة





