اللون البيج.. لماذا يهيمن على التصميم الداخلي لغرف الفنادق؟
إم إيه هوتيلز – خاص
بينما تختلف الفنادق في الفخامة والموقع والهوية، تظل هناك قواسم تصميمية مشتركة تثير الفضول. أحد أبرز هذه العناصر هو اللون البيج، الذي يبدو حاضرًا بقوة في معظم الغرف، وكأنه اللون الرسمي لصناعة الضيافة. فهل اختيار هذا اللون مجرد صدفة متكررة؟ أم أن وراءه أسبابًا نفسية، ثقافية، وتشغيلية تجعله الخيار الأكثر منطقية في نظر المصممين؟
البيج.. الراحة المحايدة التي ترضي الجميع
اللون البيج لا يصرخ، لا يفرض نفسه، ولا يخلق جدلًا بصريًا. إنه لون “آمن” نفسـيًا، يمنح شعورًا بالدفء دون إثقال، ويُشعرك بالترحيب دون عدوانية. هذه الحيادية هي بالضبط ما تحتاجه غرف الفنادق التي تستقبل نزلاء من ثقافات وذوقيات متباينة.
البيج يتكيّف مع الإضاءة الطبيعية والصناعية بسهولة، ويمنح الغرف إحساسًا بالاتساع والهدوء، وهما عنصران أساسيان في راحة النزيل، خاصة لمن يسافر كثيرًا أو يبحث عن استقرار بصري بعد يوم مزدحم.
علاقة اللون بالانطباع النفسي
من منظور علم النفس اللوني، يُصنّف البيج ضمن الألوان الترابية التي تُعزز مشاعر الطمأنينة، الاسترخاء، والتوازن. وهو ما تريده الفنادق تحديدًا: أن يدخل النزيل الغرفة ويشعر بأنه في مساحة آمنة، نظيفة، ومحايدة عاطفيًا.
كما أن اللون لا يُحفّز مشاعر حادة مثل الأحمر أو الأصفر، ولا يُشعر بالبرودة أو الغرابة مثل الرمادي البارد أو البنفسجي، ما يجعل تأثيره سهلًا ومناسبًا للإقامة القصيرة أو الطويلة.
اللون الذي لا يشيخ ولا يتعب العين
البيج لون لا يرتبط بزمن، ولا يتأثر بالموضة المتغيرة. هذه السمة تمنحه قدرة على “الدوام التصميمي”، ما يقلل من الحاجة لتجديد ديكور الغرف كل بضع سنوات. كما أنه لا يُظهر الأوساخ بسهولة مثل الأبيض، ولا يُصبح باهتًا مثل بعض الألوان الداكنة، ما يجعله خيارًا اقتصاديًا وتشغيليًا في آنٍ واحد.
الفنادق، باعتبارها مؤسسات تشغيلية، تُقيّم خياراتها بناءً على الكفاءة، وطول عمر المواد، والحد من تكاليف الصيانة — والبيج يخدم هذه المعايير بامتياز.
التدرجات والدمج.. كيف لا يصبح البيج مملًا؟
رغم حياديته، لا يُستخدم البيج كنغمة واحدة جامدة، بل غالبًا ما يتم توظيفه ضمن مجموعة تدرجات دافئة تتراوح بين الرملي، العاجي، الكريمي، وحتى اللمسات الذهبية الفاتحة. ويُدمج مع عناصر خشبية، أقمشة طبيعية، أو تفاصيل سوداء لخلق توازن بصري يمنع الملل.
البيج يُشكّل “الخلفية الهادئة” التي تسمح بإبراز عناصر فاخرة مثل الستائر الثقيلة، الإضاءة الدافئة، أو قطع الفن المحلي دون تصادم لوني.
هل البيج حياد أم استراتيجية ضيافة؟
ربما يبدو البيج خيارًا بلا موقف، لكنه في الحقيقة انعكاس لفلسفة ضيافة كاملة: أن تكون الغرفة مريحة للنظر، مقبولة للجميع، ومُرحبة دون ضجيج. إنه لون لا يُنافس وجود الضيف، بل يُعطيه المساحة ليشعر بأنه ينتمي إليها.
وهذا ما يجعل من البيج أكثر من مجرد لون، بل أداة غير مباشرة لبناء تجربة ناعمة، متزنة، وعابرة للاختلافات الثقافية. باختصار: لون يتكلم لغة الضيافة الصامتة.
اقرأ أيضًا: تسجيل الخروج.. لماذا تترك الدقائق الأخيرة أقوى انطباع؟





