الاستدامة التشغيلية.. كيف توفر الفنادق المال وتحمي البيئة؟
إم إيه هوتيلز – خاص
لم تَعُد الاستدامة في قطاع الضيافة مجرد خيار تسويقي أو استجابة للضغوط البيئية، بل أصبحت عنصرًا جوهريًا في كفاءة التشغيل وخفض التكاليف دون المساس بجودة الخدمة. وبين فندق يُسرف في الطاقة والموارد، وآخر يعيد التفكير في كل خطوة تشغيلية، يظهر الفارق في الفاتورة، السمعة، والولاء طويل الأمد من النزلاء.
الاستدامة التشغيلية لم تَعُد فقط تعني “حافظ على البيئة”، بل أصبحت تعني: “كن أذكى، أو ادفع الثمن”.
الطاقة.. أول وأضخم عناصر التوفير
تستهلك الفنادق نسبًا هائلة من الكهرباء بسبب التكييف، التدفئة، الإضاءة، والمصاعد. لذا، بدأت المؤسسات الفندقية الذكية بتبني أنظمة تحكم ذكية لضبط الإضاءة والتكييف حسب إشغال الغرفة، وإدخال مصادر طاقة متجددة مثل الألواح الشمسية.
النتيجة: تقليل استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 30%، وخفض الفاتورة التشغيلية دون التأثير على راحة الضيف.
المياه.. ثروة غير مرئية
من الغسيل إلى دورات المياه، تُستخدم كميات كبيرة من الماء يوميًا. الفنادق التي تعتمد على أنظمة إعادة تدوير المياه الرمادية، وتركيب حنفيات منخفضة التدفق، لا تُقلّل فقط من الاستهلاك، بل ترفع من تقييماتها البيئية أمام الضيوف المهتمين بالاستدامة.
حتى تغيير عادات التنظيف اليومي للمناشف يمكن أن يوفّر آلاف اللترات من المياه سنويًا.
تقليل الهدر.. من المطبخ إلى الغرفة
الهدر الغذائي مشكلة مزمنة في قطاع الضيافة. الفنادق المستدامة تعتمد على إدارة المخزون الذكية، وتستخدم تقنيات تحليل البيانات للتنبؤ بالاستهلاك الحقيقي.
كما تُشجّع على تقديم كميات مدروسة، واستخدام الأغذية المحلية الطازجة، مما يقلّل من الانبعاثات ويُعزز الاقتصاد المحلي.
مواد البناء والتجديد.. البصمة تبدأ من الجدار
الاستدامة التشغيلية لا تتعلق فقط بالاستهلاك اليومي، بل تبدأ من مرحلة التصميم. استخدام مواد بناء معاد تدويرها أو منخفضة التأثير الكربوني، واختيار أثاث محلي الصنع، وتخطيط هندسي يسمح بالتهوية والإضاءة الطبيعية، كلّها تقلل التكاليف طويلة الأمد وتُعزز الراحة.
تدريب الموظفين.. الاستدامة سلوك يومي لا بروتوكول موسمي
حتى أفضل الأنظمة تفشل إن لم يتبنَّها العنصر البشري. لذلك، تُخصّص الفنادق الناجحة برامج توعية وتدريب مستمر للعاملين، ليتحول مفهوم الاستدامة إلى ثقافة داخلية تشمل كل قرار صغير، من نوع المنظفات المستخدمة إلى طريقة ترتيب الإضاءة بعد مغادرة الضيوف.
الشفافية.. نقطة القوة التسويقية الجديدة
النزيل اليوم، خاصة من الأجيال الشابة، يضع القيم في صميم قراراته. الفندق الذي يُفصح عن استهلاكه، مشاريعه البيئية، ويعرض أرقامه بشفافية، يُكسب ثقة الضيف، ويُحوّل الالتزام البيئي إلى أداة تسويقية لا تقدّر بثمن.
الفرق بين فندق يُنفّق، وآخر يُعيد الاستثمار في كوكب أفضل
الاستدامة التشغيلية ليست فقط وسيلة لتقليل التكاليف، بل نهج يُعيد هيكلة التشغيل برمّته. الفندق الذي يتبنى هذا المفهوم يُصبح أقل اعتمادًا على الموارد المتقلّبة، وأكثر جاهزية لأزمات المستقبل، وأكثر قربًا من نزيل يفكّر بعقله وقلبه معًا.
اقرأ أيضًا: تصميم الغرف متعددة الاستخدام.. هل هو الحل لنزلاء الأعمال والسياحة؟





