M A hotels | إم ايه هوتيلز

الموقع الأول للعاملين في الفنادق في العالم العربي

لماذا أصبحت التجربة أهم من الفخامة في اختيار الفنادق؟
أخبار وملفات

لماذا أصبحت التجربة أهم من الفخامة في اختيار الفنادق؟

إم إيه هوتيلز – خاص

في العقود الماضية، كانت الفخامة تعني الرخام اللامع، الثريات الضخمة، وخدمة الغرف التي لا تتأخر. أما اليوم، فقد تغيّر ميزان الاختيار جذريًا: النزيل المعاصر لا يبحث عن فندقٍ ذي خمس نجوم، بل عن تجربةٍ من خمس حواس. لم تعد الغرفة الفاخرة كافية، بل أصبح “الإحساس بالمكان” — تلك اللحظة التي تجمع الراحة، والانتماء، والدهشة — هو ما يحدد القرار. إنها الثورة الهادئة التي تشهدها صناعة الضيافة العالمية: الانتقال من الفخامة الشكلية إلى التجربة الإنسانية، حيث تقاس قيمة الفندق بمدى ما يمنحه من شعورٍ بالمعنى، لا بما يقدمه من مظاهر.

من الترف المادي إلى الثراء الشعوري

الفخامة، كما عرفها جيل التسعينات، كانت مرادفًا للذهب والرخام والماركات العالمية، لكن الأجيال الجديدة — خصوصًا جيلَي الألفية وZ — ينظرون للفخامة على أنها تجربة تمنحهم الإلهام والخصوصية والاختلاف. هذا التحول جعل حتى الفنادق الفاخرة التقليدية تُعيد النظر في فلسفتها التسويقية، فبدل أن تبيع “الخدمة” أصبحت تبيع “الإحساس”. تشير دراسة صادرة عن Skift Research 2025 إلى أن 74٪ من النزلاء يفضلون الفندق الذي يقدم تجربة فريدة، حتى وإن كان أقل فخامة من منافسيه، بينما قال 63٪ إنهم يختارون الفندق بناءً على “القصة” التي يعيشونها فيه، وليس على عدد النجوم التي يحملها. الفخامة إذن، لم تختفِ، لكنها تغيّرت في معناها: من المظهر إلى الجوهر، ومن العرض إلى التجربة.

مجموعة نزلاء يشاركون في تجربة ثقافية داخل فندق سعودي معاصر ضمن فعالية تفاعلية
مجموعة نزلاء يشاركون في تجربة ثقافية داخل فندق سعودي معاصر ضمن فعالية تفاعلية
التجربة كقيمة اقتصادية

لم تعد التجربة ترفًا نفسيًا بل عاملًا اقتصاديًا مباشرًا في قرار الحجز. تطبيقات الحجز العالمية مثل Booking وExpedia أظهرت أن الفنادق الأعلى تقييمًا ليست دائمًا الأغلى، بل تلك التي تقدم تجربة متكاملة تشمل الترحيب، التواصل، التفاصيل، والذاكرة اللاحقة. الفندق الذي يعرف كيف يجعل ضيفه يشعر بأنه “مفهوم” يربح ولاءه أكثر من أي خصمٍ في السعر. وهو ما يفسر صعود اتجاه “الضيافة التجريبية (Experiential Hospitality)”، الذي يعتمد على المزج بين الثقافة، والموقع، والسرد القصصي في بناء التجربة.

من الغرفة إلى القصة

في الفنادق الحديثة، لا يبدأ الانبهار عند الباب، بل من الفكرة نفسها. كل فندق يحاول اليوم أن يروي قصة — عن المكان، أو الطبيعة، أو حتى عن نفسه — فقد أصبح “السرد” أحد عناصر التصميم والتسويق. في “فندق العلا هافينز”، تبدأ التجربة من الطريق الذي يقود إلى الوادي، حيث يتداخل المشهد الطبيعي مع العمارة الترابية ليخلق إحساسًا بالانسجام. وفي “منتجع البحر الأحمر”، لا تُقاس الفخامة بعدد الأجنحة أو المطاعم، بل بمدى شعور النزيل بالهدوء والارتباط بالبيئة البحرية. بهذا المعنى، الفندق لم يعد مكانًا للإقامة، بل نصًّا يُقرأ ويُعاش.

نزيل سعودي يستمتع بتجربة ضيافة تجمع بين التراث والحداثة في أحد فنادق الدرعية
نزيل سعودي يستمتع بتجربة ضيافة تجمع بين التراث والحداثة في أحد فنادق الدرعية
السعودية.. إعادة تعريف الفخامة عبر التجربة

في إطار رؤية المملكة 2030، تشهد الضيافة السعودية تحوّلًا نوعيًا نحو نموذج التجربة الفريدة. فمشاريع مثل أمالا والدرعية ونيوم تُعيد تعريف الفخامة كرحلةٍ متكاملة تجمع بين الهوية، والثقافة، والطبيعة. في “منتجع أمالا”، تُقدَّم تجربة “العافية الهادئة” التي تمزج بين العلاج بالماء والموسيقى والضوء، وفي “الدرعية”، تُبنى تجربة النزيل على الانغماس في التاريخ المعماري للمكان.

تجربة الحواس الخمس

تدرك الفنادق الجديدة أن التجربة الحقيقية تُبنى عبر الحواس، لا الصور. ولهذا، أصبحت الروائح، والأصوات، ودرجات الضوء، وحتى ملمس الأثاث جزءًا من هوية العلامة الفندقية. فالإحساس المريح بالدفء عند دخول اللوبي، والإضاءة المريحة عند الغروب، وصوت المياه الخافت قرب الممر، كلها تفاصيل غير مادية لكنها تصنع تجربة تترسخ في الذاكرة.

مشهد داخلي لغرفة فندقية تجمع بين الطابع المحلي والتقنيات الذكية في تصميم حديث
مشهد داخلي لغرفة فندقية تجمع بين الطابع المحلي والتقنيات الذكية في تصميم حديث
التكنولوجيا في خدمة الإحساس

رغم هيمنة التقنية على المشهد الفندقي، فقد أصبحت الأدوات الذكية وسيلة لتعزيز الإنسانية لا لاستبدالها. في “فنادق شذا المدينة”، يُستخدم الذكاء الاصطناعي للتعرّف على تفضيلات النزيل الصوتية أو الحرارية، فيُضبط نظام الغرفة وفق نمطه الشخصي دون أن يطلب. وفي “فيرمونت الرياض”، تُستخدم تطبيقات الواقع الافتراضي لتعريف الضيف بالمكان قبل وصوله.

الفخامة الجديدة: الوقت والمعنى

في عالمٍ سريع الإيقاع، أصبح الوقت نفسه سلعة فاخرة. ولهذا بدأت الفنادق تقدم الفخامة بمعناها الجديد: أن تمنحك وقتًا لنفسك، ومساحة لتفكيرك، بعيدًا عن الصخب والتكرار. الرفاهية لم تعد في الامتلاك، بل في التجرّد من الزائد، والتجربة التي تمنحك “المعنى” أصبحت أغلى من أي جناح ملكي.

التجربة كأداة ولاء جديدة

وفق تقرير Cornell Hospitality Review 2024، فإن 78٪ من النزلاء الذين يختبرون تجربة شخصية يعودون للحجز في الفندق نفسه، حتى لو ارتفعت الأسعار. ذلك لأن التجربة تبني “رابطًا عاطفيًا” يتجاوز المنطق الاقتصادي. الفنادق الذكية اليوم لا تبحث فقط عن رضا النزيل، بل عن ارتباطه الوجداني بالمكان.

بين التوحّد والتميّز

الخطورة التي تواجه الفنادق الحديثة هي التماثل المفرط. عشرات العلامات تقدّم التصاميم نفسها والوجبات نفسها واللغة نفسها، مما أفقد “الفخامة” معناها الأصلي. لكن التجربة تظل السلاح الأقوى للتميّز. فالفندق الذي يخلق تجربةً فريدة — مهما كانت بسيطة — ينجو من دوامة التشابه، ويحوّل نفسه إلى ذكرى شخصية في ذاكرة ضيوفه.

الخلاصة: التجربة هي الفخامة الجديدة

حين تنتهي الإقامة، يبقى في الذاكرة ليس لون السجاد ولا شكل الكراسي، بل كيف شعرت. كيف استُقبلت، وكيف وُدّعت، وكيف مرّ الوقت بينهما. وهذا هو جوهر الضيافة الحديثة: أن تمنحك شعورًا بالانتماء، لا مجرد إقامة.

س: لماذا تغيّر مفهوم الفخامة في الفنادق؟

ج: لأن النزلاء الجدد يبحثون عن تجارب ذات معنى تعكس هويتهم واحتياجاتهم النفسية، لا مجرد مظاهر مادية.

س: هل تقلّل التجربة من قيمة الفخامة التقليدية؟

ج: بالعكس، تُعيد تعريفها لتصبح أكثر عمقًا وإنسانية، بحيث يكون الترف في الإحساس لا في المظهر.

س: كيف تتبنى السعودية هذا التحول؟

ج: من خلال مشاريع تجمع بين الأصالة والحداثة مثل أمالا والدرعية والعلا، التي تجعل التجربة محورًا للفخامة.

س: ما الذي يجعل التجربة الناجحة تتفوّق على السعر؟

ج: لأنها تخلق ارتباطًا وجدانيًا يدفع النزيل للعودة، حتى دون تفكير في التكلفة.

اقرأ أيضًا: الضيافة كعلاج لعزلة العصر الرقمي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *