هل تستطيع “القصة” أن تبيع الغرفة أسرع من التخفيض؟
إم إيه هوتيلز – خاص
في عالمٍ يُغرقه التسعير الديناميكي والعروض المؤقتة، قد يبدو أن الخصومات هي الطريق الأسرع لزيادة الحجوزات.
لكن التجربة الحديثة في صناعة الضيافة تقول شيئًا مختلفًا تمامًا:
الفندق الذي يملك قصة مؤثرة يستطيع أن يبيع الغرفة أسرع، وبسعر أعلى، دون الحاجة إلى تخفيضات.
القصة لا تقلل السعر، بل ترفع القيمة.
هي لا تُغري بالعروض، بل تُحرّك الرغبة.
وفي زمنٍ أصبحت فيه العاطفة هي محرك القرار الشرائي، تحوّلت “القصة الفندقية” إلى أداة تسويق أقوى من أي حملة تخفيضات موسمية.
من السعر إلى المعنى
الخصم يُحفّز العقل، لكنه لا يُحرّك القلب.
أما القصة، فتُخاطب الوجدان قبل المنطق، وتحوّل قرار الحجز من عملية حسابية إلى تجربة شعورية.
تقرير صادر عن Cornell Hospitality Institute 2025 أوضح أن 68٪ من المسافرين الدوليين يختارون الفندق بناءً على “الشعور الذي ينقله” لا على السعر وحده.
أي أن القيمة الإدراكية — أو ما يشعر به النزيل تجاه الفندق — أصبحت أهم من القيمة الاقتصادية.
لهذا السبب، تتجه العلامات الفندقية العالمية إلى الاستثمار في السرد العاطفي (Emotional Storytelling) كجزء أساسي من استراتيجيتها التسويقية.
القصة التي تبني هوية
كل فندق يحمل هوية، لكن القليل من الفنادق يعرف كيف يحكيها.
الهوية الفندقية ليست شعارًا أو ألوانًا في التصميم، بل رواية متكاملة تمتد من الهندسة إلى الخدمة إلى طريقة الترحيب.
في فندق “Alila Villas Uluwatu” في بالي، القصة تدور حول الانسجام مع الطبيعة، لذلك تُصمم الغرف كامتداد للجرف الصخري، وتُروى التجربة عبر كل تفصيلة: رائحة الأعشاب المحلية، صوت البحر، والهدوء كعنصر فخامة.
بينما فندق “The Ned London” يبني قصته حول التاريخ الصناعي للمبنى الذي كان مصرفًا في القرن الماضي، فيُوظف الحديد والنحاس في التصميم ليُعيد سرد الذاكرة بترفٍ معاصر.
هذه القصص ليست ديكورًا، بل استراتيجية تسويق سردي تُحول الفندق من منتج إلى حكاية تُعاش.
القصة تصنع الولاء لا الخصم
النزيل الذي يأتي بسبب التخفيض، سيغادر حين تنتهي العروض.
أما النزيل الذي يأتي بدافع القصة، فسيبقى لأن التجربة لامست ذاته.
في دراسة أعدّتها “Harvard Business Review” عام 2024، أظهر التحليل أن الفنادق ذات السرد القصصي القوي تحتفظ بولاء نزلائها بنسبة 27٪ أعلى من الفنادق المعتمدة على الخصومات.
القصة تبني علاقة وجدانية لا مؤقتة، لأنها تُقدّم وعدًا بالقيمة، لا بالثمن.
إنها استثمار طويل الأمد في العاطفة.
من الحكاية إلى المحتوى
الفندق الذي يعرف كيف يحكي قصته لا يحتاج إلى الإعلان عنها بنفسه.
النزلاء يتولّون المهمة عبر المشاركة على المنصات الاجتماعية، لأن القصة تمنحهم مادة قابلة للتفاعل.
في فندق “Habitas AlUla” بالسعودية، تُبنى القصة على فكرة “الإنسان والطبيعة”، حيث كل إقامة تُروى كرحلة داخل الذات.
كل زاوية تُحفّز الضيف على التقاط لحظة تُكمل فصول الحكاية البصرية.
وفي “Four Seasons Florence”، القصة تدور حول الفن والحدائق الإيطالية، فتتحول الإقامة إلى لوحة فنية تُوثّقها الكاميرات دون أي جهد تسويقي مباشر.
هكذا تولد القيمة العضوية للعلامة، وهي أقوى بكثير من أي خصم عابر.
السعودية.. السرد كأداة ترويج وطنية
المشروعات السياحية السعودية الكبرى أدركت مبكرًا أن السرد هو أقصر طريق للعالمية.
ففي “مشروع البحر الأحمر”، لا تُعرض الغرف كمنتجات، بل كفصول من قصة الاستدامة والانسجام البيئي.
وفي “نيوم”، القصة هي المستقبل نفسه: مدينة الضيافة الذكية التي تحكي عن الإنسان والتقنية في وئام.
حتى الفنادق التراثية مثل “فنادق الدرعية” تُعيد صياغة التاريخ بلغة حديثة، لتجعل الزائر جزءًا من الحكاية لا متفرجًا عليها.
إنها فلسفة سعودية جديدة في التسويق السياحي: القيمة في القصة، لا في السعر.
ردهة فندقية أنيقة تستقبل النزلاء بتصميم يحكي قصة العلامة

غرفة فندقية راقية تُجسّد مفهوم الانسجام بين الطبيعة والفخامة

فريق ضيافة يروي حكاية الفندق من خلال التفاصيل الإنسانية والكرم العربي الأصيل

القصة التي تُباع بالعاطفة
القصة ليست وسيلة تزيين للتسويق، بل أداة بيع حقيقية.
عندما تُلامس القصة حاجة الإنسان العاطفية – كالهدوء، الانتماء، الاستكشاف – تُصبح الغرفة أكثر من مساحة للنوم، بل تجربة شخصية تُشترى بالوجدان.
الفندق الذي يُخبرك أنه “مكان للراحة” ينافس على السعر،
أما الفندق الذي يقول لك “هنا ستجد نفسك” فهو يبيع رحلة داخلية لا تُقاس بالمال.
س: هل القصة قادرة فعلاً على زيادة المبيعات؟
ج: نعم، لأنها تُحفّز المشاعر وتخلق قيمة نفسية تدفع النزلاء للحجز دون تفكير في السعر.
س: ما الفرق بين السرد الفندقي والإعلان التقليدي؟
ج: الإعلان يُقنع، بينما القصة تُؤمن؛ الأولى تخاطب العقل، والثانية تلمس القلب.
س: كيف تطبّق السعودية مفهوم السرد الفندقي؟
ج: من خلال مشروعاتها السياحية الكبرى التي توظّف القيم التراثية والبيئية في بناء تجربة سردية متكاملة.
س: هل يمكن الجمع بين القصة والتخفيض؟
ج: نعم، لكن القصة تُعطي للخصم معنى، بينما الخصم وحده لا يصنع هوية.
اقرأ أيضًا: تجربة النزيل كمحتوى تسويقي.. أقوى إعلان لا يُشترى





