التحول الرقمي في قطاع الضيافة السعودي.. أين وصلنا في 2025؟
إم إيه هوتيلز – خاص
في خضمّ التحولات الاستراتيجية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، يُعد قطاع الضيافة من أكثر القطاعات التي تأثرت إيجابًا بالتقنية، وبرز فيه مفهوم “التحول الرقمي” ليس كترف إداري أو تحديث شكلي، بل كعنصر محوري في استراتيجية التشغيل والنمو.
ومع دخول عام 2025، لم يعد السؤال حول ما إذا كانت الفنادق السعودية قد بدأت التحوّل الرقمي، بل حول مدى نضج هذه التجربة، وما الذي تحقق فعليًا من الأهداف، وما الخطوات التالية.
من إدارة تقليدية إلى منظومة ذكية
في السابق، كانت العمليات التشغيلية في أغلب المنشآت الفندقية تُدار يدويًا أو بأنظمة متفرقة، حيث تُسجل الحجوزات في دفاتر أو جداول، وتُتابع الفواتير عبر برامج محاسبية منفصلة، بينما كانت خدمة الضيوف تعتمد بشكل كامل على التواصل المباشر.
أما اليوم، فقد تغيّرت هذه المنظومة بشكل جذري. الفنادق الكبرى، والمشاريع المتوسطة والصغيرة، باتت تعتمد على أنظمة PMS سحابية، بوابات دفع رقمية محلية، حلول فواتير إلكترونية معتمدة من هيئة الزكاة، وأنظمة CRM تُدار من تطبيقات ذكية، وكل ذلك في بيئة متصلة ومتكاملة.
بنية رقمية تحتية مدعومة من الجهات الحكومية
أحد أبرز العوامل التي ساهمت في تسريع التحول الرقمي في الضيافة السعودية هو التشريعات والسياسات الحكومية. فوزارة السياحة ألزمت بربط الأنظمة التشغيلية بتقارير الإيواء الوطني، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك فرضت تفعيل الفوترة الإلكترونية، فيما وفّرت وزارة الاتصالات بنية تحتية تقنية ساعدت في الوصول إلى حلول متقدمة بأقل تكلفة.
هذا الدعم الرسمي، إلى جانب وجود السوق المفتوح لتقنيات الدفع مثل “مدى”، و”STC Pay”، وفّر للفنادق أدوات حديثة كان يصعب الحصول عليها في السابق، وأتاح لها الانتقال من بيئة تشغيل معزولة إلى تجربة رقمية متكاملة.
التفاعل مع الضيف السعودي.. لغة جديدة تعتمد على التقنية
تحوّل سلوك الضيف المحلي بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. فقد أصبح الحجز يتم مباشرة من التطبيقات أو الموقع الإلكتروني، والتفاعل مع الفندق يتم عبر الدردشة الفورية، أو من خلال الردود التلقائية عبر المنصات الاجتماعية.
ولهذا، طوّرت الفنادق في السعودية أنظمة استجابة ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لتقديم خدمة فورية ودقيقة، دون الحاجة إلى تدخل بشري دائم. كما أدرجت فنادق عديدة خاصية تسجيل الوصول الذاتي، ومفاتيح الغرف الرقمية، مما رفع مستوى الكفاءة التشغيلية، وقلل من زمن انتظار الضيوف.
الخدمات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي
في 2025، بدأت بعض الفنادق السعودية باستخدام أنظمة تحليل سلوك النزلاء، التي تعتمد على تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، لتخصيص العروض، تتبع التفضيلات، وحتى اقتراح وقت الزيارة التالي بناءً على أنماط الاستخدام السابقة.
هذه التقنيات لا تُستخدم فقط في الفنادق الكبرى، بل بدأت تجد طريقها إلى الفنادق المتوسطة والبوتيكية، خاصة في المدن السياحية مثل العلا، الطائف، وأبها، حيث تُعد تجربة الضيف أكثر أهمية من حجم المنشأة.
التحديات التي واجهت التحول الرقمي وكيف تم تجاوزها
لم يكن الانتقال إلى البيئة الرقمية في الضيافة السعودية سهلًا، فقد واجهت العديد من المنشآت تحديات تتعلق بتدريب الموظفين، تكاليف التأسيس، وتكامل الأنظمة.
إلا أن وجود مزودين محليين مثل MyHotel PMS، وشركات تطوير سعودية وفّرت حلولًا مرنة، دعمًا فنيًا مباشرًا، وتعريبًا كاملًا للواجهات، مما سهّل عملية الانتقال. كما ساهمت المبادرات الحكومية في تحفيز التغيير من خلال ورش العمل، برامج الدعم التقني، والمحفزات المالية لبعض المشاريع الناشئة.
الفرق بين منشأة رقمية وأخرى ما زالت تعتمد النمط التقليدي
المنشأة التي نفّذت تحولًا رقميًا متكاملًا، أصبحت تدير عملياتها من منصة واحدة، وتتعامل مع بيانات لحظية، وتُصدر تقارير قابلة للتنفيذ مباشرة. كما أنها تتفاعل مع الضيوف بشكل أسرع، وتُحسن من سمعتها الإلكترونية، وتزيد من ولاء العملاء.
بينما تظل المنشأة التقليدية عُرضة للأخطاء، غير قادرة على قراءة السوق بدقة، وتجد نفسها عاجزة عن مواكبة التوقعات المتغيرة لضيوف الجيل الجديد الذين يعتبرون البطء أو التعقيد في الإجراءات سببًا كافيًا لعدم التكرار.
تساؤلات المرحلة القادمة.. إلى أين يتجه القطاع بعد 2025؟
بعد هذا التقدم اللافت، يُصبح السؤال الأكثر إلحاحًا اليوم: ما الخطوة التالية؟ القطاع الفندقي في السعودية يتجه إلى تجربة ضيافة قائمة على البيانات، يُعاد فيها تصميم المنتج والخدمة بناءً على ذكاء تحليلي، وتتوسع فيها أدوات الذكاء الاصطناعي لتشمل التوظيف، التسعير، والتخطيط الاستراتيجي.
كما أن التكامل بين القطاعين العام والخاص سيُنتج أنظمة تشغيل وطنية قابلة للتصدير، مما يُتيح للمملكة لعب دور تقني إقليمي في مجال الضيافة الذكية.
اقرأ أيضًا: ما الفرق بين مدير الأغذية والمشروبات ومدير المطعم؟ دليلك الوظيفي في قطاع الضيافة





