أخبار وملفات

تسويق المقاصد السياحية.. أداة عالمية من أجل تجربة أكثر احترافية

إم إيه هوتيلز – خاص

يعد تسويق المقاصد السياحية أحد العوامل الحاسمة في جذب الزوار إلى مناطق معينة، وهو عملية تهدف إلى إبراز القيمة الثقافية، والترفيهية، والطبيعية للوجهات السياحية. مع التنافس المتزايد بين الوجهات العالمية، أصبح التسويق السياحي أكثر تعقيدًا، حيث لم يعد يقتصر على الترويج فقط، بل يشمل دراسة سلوك الزوار، تحسين التجربة السياحية، وبناء صورة ذهنية إيجابية تدوم في أذهان المسافرين.

أهمية الصورة الذهنية في التسويق السياحي

الصورة الذهنية للوجهة السياحية هي العنصر الأساسي الذي يؤثر على قرار الزوار بزيارة مكانٍ معين. تتكون هذه الصورة من مجموعة من التصورات، مثل جمال الطبيعة، وتنوع الأنشطة، وجودة الخدمات. يمكن للصورة الذهنية الإيجابية أن تجعل الوجهة أكثر جاذبية، بينما قد تؤدي الصورة السلبية إلى تراجع الإقبال عليها. لذلك، يلعب الترويج عبر وسائل الإعلام والإنترنت دورًا كبيرًا في بناء هذه الصورة.

دور التكنولوجيا الرقمية في تعزيز التسويق

التقنيات الحديثة، مثل الواقع الافتراضي، الذكاء الاصطناعي، ومنصات التواصل الاجتماعي، ساهمت في إعادة تشكيل مفهوم التسويق السياحي. على سبيل المثال، يمكن للمسافرين الآن استكشاف الوجهات افتراضيًا قبل اتخاذ قرار السفر. علاوة على ذلك، تتيح الإنترنت للزوار الوصول إلى مراجعات، صور، وفيديوهات عن الوجهات، مما يعزز ثقتهم في قرارهم.

عوامل تأثير اتخاذ القرار السياحي

  • الجنس: تميل النساء إلى اختيار وجهات ذات طبيعة ثقافية أو عائلية، بينما يفضل الرجال وجهات تقدم أنشطة رياضية أو مغامرات.
    خصصت المملكة العربية السعودية أربع مدن لتطوير السياحة النسائية التي تضمن الخصوصية وتلائم طبيعة الحياة الثقافية والاجتماعية، وهي: أبها بمعالمها الطبيعية مثل قلعة “أبو خيال”، وجدة بمواقعها التراثية مثل البلدة القديمة، والرياض بمعالمها التاريخية كقصر المصمك، والعلا بمعالمها الأثرية مثل موقع الحِجْر. تهدف هذه المدن إلى خلق بيئة استجمامية مريحة للنساء تجمع بين الثقافة، التاريخ، والطبيعة.
  • الثقافة: تؤثر اللغة والتقاليد على اختيار الزوار للوجهات. غالبًا ما ينجذب السياح إلى الأماكن التي تشاركهم نفس الخلفية الثقافية.
    ضربت لنا المملكة مثالًا آخر في مراعاة هذا الجانب، فالعاصمة وجهة سياحية مميزة بفضل تنوعها الثقافي والفعاليات التي تستضيفها على مدار العام. تُعَد المدينة مركزًا للأنشطة الثقافية والترفيهية، مما يجعلها مكانًا مفعمًا بالحيوية.
  • المخاطر: يتجنب السياح الوجهات ذات المخاطر الأمنية أو الصحية العالية، مما يجعل التسويق الذي يبرز السلامة عاملًا رئيسيًا لجذبهم.
  • من جانبها، تقوم الرؤية التخطيطية “مصر 2030” على إنشاء مدينة سياحية متكاملة على غرار المدن السياحية الجديدة مثل “العلمين الجديدة – السويس الجديدة – رأس الحكمة الجديدة …. إلخ” تتنوع الأنشطة والاستخدامات بها لخلق مجتمع جديد، يتمتع بأمان وسلامة، وتحقَّق ذلك فعليًا.

دور الوقت والموارد المالية

يعتبر الوقت أحد العوامل الحاسمة في اتخاذ قرار السفر، حيث يرتبط التوفيق بين جداول العمل والحياة الشخصية بتحديد مواعيد الإجازات والفرص الزمنية المتاحة للسفر. قد يفضل الزوار الوجهات التي يمكن الوصول إليها بسرعة أو التي تقدم أنشطة تُنجز خلال فترات قصيرة، مما يجعل الوجهات القريبة أو التي توفر خيارات مرنة في البرامج السياحية أكثر جاذبية.

أما الموارد المالية، فهي تلعب دورًا محوريًا في اختيار الوجهة السياحية، حيث يعتمد القرار على الدخل المتاح وعدد الأيام المتاحة للسفر. لذلك، يركز التسويق السياحي على تصميم عروض وبرامج تناسب مختلف الفئات الاقتصادية، بما في ذلك الحزم الاقتصادية، وتوفير خيارات إقامة متنوعة، وتسهيل خطط الدفع. يساعد هذا النهج في توسيع قاعدة الزوار وجعل الوجهة ميسورة التكلفة للجميع.

تجربة الزائر.. مراحل تعزيز قوة التسويق

  1. قبل الزيارة: الصورة الذهنية ودورها في اتخاذ القرار

تبدأ تجربة الزائر بالسياحة قبل زيارته الفعلية للمكان، حيث يعتمد قراره بشكل كبير على الصورة الذهنية التي تُشكلها الوجهة في ذهنه. يلعب الترويج دورًا محوريًا في بناء هذه الصورة عبر الإعلانات، وسائل الإعلام، والتوصيات من الآخرين. إذا كانت الصورة إيجابية ومغرية، مثل عرض المناظر الطبيعية الجميلة، والأنشطة المتنوعة، والمرافق الحديثة، فإنها تزيد من احتمالية اختيار الوجهة.

  1. أثناء الزيارة: جودة الخدمات وتجربة الزائر

خلال الزيارة، تصبح جودة الخدمات المقدمة العامل الرئيسي في تجربة الزائر. من المواصلات إلى الإقامة والطعام والأنشطة الترفيهية، تشكل التجربة الفعلية اختبارًا للوعود التي قدمتها الوجهة في موادها الترويجية. الزائر يُقيّم مدى التزام الوجهة بمعاييره الشخصية، مثل الراحة، النظافة، والضيافة. إذا كانت التجربة متوافقة مع التوقعات أو تتجاوزها، فإنها تخلق انطباعًا إيجابيًا ومستدامًا.

  1. بعد الزيارة: التوصيات وتأثيرها على الجاذبية

بعد انتهاء الرحلة، يقوم الزائر بتحليل تجربته ومشاركتها مع الآخرين عبر التوصيات الشفوية أو التقييمات المكتوبة على الإنترنت. هذه التوصيات تلعب دورًا مهمًا في تعزيز جاذبية الوجهة أو الإضرار بسمعتها. الزوار الذين يشعرون بالرضا يساهمون في تسويق الوجهة بشكل غير مباشر من خلال كلماتهم الإيجابية، بينما يمكن أن تؤدي التجارب السلبية إلى تقليل الإقبال عليها. لذلك، يُعد تحقيق رضا الزوار الهدف الأساسي للحفاظ على سمعة الوجهة وزيادة الإقبال عليها.

ختامًا، إنَّ تسوِيق المقاصد السياحية ليست مجرد أداة لجذب السياح، بل تتمثَّل كعملية شاملة تهدف إلى بناء علاقات طويلة الأمد مع الزوار، وإبراز الهوية الفريدة لكل وجهة. من خلال الجمع بين الفهم العميق لاحتياجات الزوار واستخدام التكنولوجيا الحديثة، يمكن للمقاصد السياحية تحقيق النجاح والاستدامة في عالم يشهد منافسة شرسة على جذب المسافرين. الاستثمار في تسويق الوجهات يعزز التنمية الاقتصادية والثقافية، ويخلق تجارب سياحية لا تُنسى للزوار حول العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى