أخبار وملفاتالمدونة

الفنادق الخضراء.. الممارسة السليمة من أجل تنمية مستدامة

تعد الفنادق الخضراء نموذجًا رائدًا في تحقيق التنمية المستدامة من خلال تبني ممارسات بيئية سليمة تساهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية. تجمع هذه الفنادق بين تقديم خدمات سياحية متميزة وتقليل التأثير السلبي على البيئة، مما يعزز مسؤوليتها الاجتماعية. بهذه الطريقة، تصبح الإقامة تجربة تثقيفية تلهم الزوار لاعتماد نمط حياة أكثر وعيًا واستدامة.

ماذا تعني الفنادق الخضراء؟

الفنادق الخضراء تمثل انعكاسًا جوهريًا لمفهوم التنمية المستدامة الذي أصبح محوريًا في مختلف القطاعات. تهدف هذه الفنادق إلى تعزيز الممارسات البيئية من خلال تخفيض استهلاك الطاقة والمياه، وإدارة الموارد بشكل أكثر كفاءة. لم تعد الفنادق مجرد أماكن للإقامة، بل أصبحت مراكز للمساهمة في حماية البيئة وتحقيق أهداف الاستدامة. هذا التوجه لا يعزز فقط صورة الفندق بل يحقق وفورات مالية طويلة المدى، مما يجعلها خيارًا جذابًا لكل من المستثمرين والنزلاء.

تتمثل مفهوم الفنادق الخضراء في المنشآت التي تدمج بين السياحة والطبيعة عبر تطبيق مبادئ السياحة البيئية. هذه الفنادق تلتزم بالمعايير البيئية مثل استخدام مصادر الطاقة المتجددة، إعادة تدوير المخلفات، وتقليل الأثر البيئي عبر أساليب مبتكرة. كما تسعى إلى تثقيف الزوار وتعزيز الوعي البيئي لديهم من خلال الأنشطة التفاعلية والممارسات اليومية التي تعكس الانسجام مع المجتمع المحلي.

من خلال هذه الجهود، تعمل الفنادق الخضراء على تحقيق مجموعة من الأهداف البيئية والاقتصادية والاجتماعية. فهي تدعم التنمية المستدامة عبر تقديم خدمات عالية الجودة مع تقليل التأثير السلبي على البيئة. هذه المبادرات لا تسهم فقط في تحسين البيئة المحيطة، بل تشجع أيضًا على نمط حياة واعٍ ومستدام يتماشى مع تطلعات المستقبل.

درجات الفنادق الخضراء

  1. الفنادق الخضراء (Green)

يمثل هذا المستوى الخطوة الأولى نحو الالتزام البيئي، حيث يعتمد الفندق ممارسات بسيطة تقلل من الأثر البيئي بأقل التكاليف. تشمل هذه الممارسات استخدام مصابيح الفلوريسنت الموفرة للطاقة، وإعادة استخدام المناشف والبياضات لتقليل استهلاك الموارد. يركز هذا التصنيف على تعزيز الوعي البيئي دون تغيير جذري في العمليات اليومية.

  1. الفنادق الأكثر خضرة (Greener) 

يرفع هذا المستوى من الالتزام البيئي من خلال إدخال تغييرات بارزة في عمليات الفندق، مثل تطوير أنظمة شاملة لإعادة التدوير وتحسين كفاءة إدارة الموارد. تعكس هذه التغييرات اهتمامًا أكبر بالممارسات المستدامة، مع التأثير بشكل إيجابي على البيئة والمجتمع المحيط.

  1. الفنادق الأكثر خضرة على الإطلاق (Greenest)

يمثل هذا المستوى القمة في الالتزام البيئي، حيث تعتمد الفنادق تقنيات متقدمة وتستثمر في حلول بيئية طويلة الأمد. يتطلب هذا التصنيف استخدام تقنيات حديثة مكلفة، مثل أنظمة الطاقة المتجددة وإدارة المخلفات المتطورة، مما يجعل الفندق نموذجًا للاستدامة والابتكار البيئي.

أهمية التنمية المستدامة

  1. تحقيق توفير في التكاليف: يساعد تطبيق ممارسات الاستدامة في تقليل النفقات التشغيلية من خلال ترشيد استهلاك الطاقة والمياه، واستخدام المواد القابلة لإعادة التدوير، مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة المالية للفندق.
  2. وسيلة ترويجية فعّالة: تبرز الممارسات البيئية صورة الفندق كعلامة مسؤولة ومستدامة، مما يجذب العملاء الباحثين عن منشآت تلتزم بحماية البيئة، ويزيد من ولائهم وثقتهم بالخدمات المقدمة.
  3. تحقيق رضا الموظفين والعملاء: يساهم تعزيز الاستدامة في خلق بيئة عمل إيجابية تدعم رضا الموظفين، كما يلبي تطلعات العملاء المتزايدة نحو الإقامة في فنادق تلتزم بمعايير بيئية عالية الجودة.

الإدارة البيئية الخضراء في الفنادق

تعتمد الفنادق الخضراء على ممارسات بيئية تقلل من التأثير السلبي على البيئة من خلال إدارة موارد المياه، الطاقة، والمخلفات. فيما يلي أهم ممارسات الإدارة البيئية الخضراء في الفنادق:

  1. إدارة خضراء للطاقة

تلعب الطاقة دورًا حيويًا في عمليات التشغيل، ولكنها تمثل مصدرًا رئيسيًا للتلوث وانبعاثات الغازات الدفيئة. تشمل الممارسات الخضراء تقليل استهلاك الطاقة بنسبة 30-50% من خلال استخدام مصابيح LED وكشافات الفلوريسنت، وتركيب أنظمة استشعار للتحكم في الإضاءة، واستبدال أجهزة التبريد القديمة بأخرى موفرة للطاقة. كما يتم استخدام البطاقات الذكية للتحكم في الطاقة داخل الغرف غير المشغولة.

  1. إدارة المياه بفعالية

تستهلك الفنادق كميات كبيرة من المياه في الأنشطة اليومية. تركز الإدارة البيئية الخضراء على تقليل هذا الاستهلاك من خلال برامج إعادة استخدام المناشف والبياضات، وإصلاح التسريبات، وتركيب أجهزة موفرة للمياه في الحمامات والمطابخ. كما تُستخدم المياه المعالجة لري المساحات الخضراء والري بالتنقيط لتقليل الهدر.

  1. إدارة المخلفات الصلبة

تنتج الفنادق نفايات صلبة تشمل بقايا الطعام والمواد البلاستيكية. يمكن تقليل هذه المخلفات بنسبة تصل إلى 70% عن طريق برامج إعادة التدوير، استخدام المنتجات القابلة لإعادة الاستخدام، واختيار مواد تغليف صديقة للبيئة. يتم أيضًا فصل وفرز النفايات العضوية لتحويلها إلى سماد طبيعي يستخدم في الحدائق التابعة للفندق.

هذه الممارسات ليست فقط وسيلة للحفاظ على البيئة، ولكنها تحقق أيضًا وفورات كبيرة في التكاليف التشغيلية وتعزز من سمعة الفندق كوجهة سياحية مستدامة.

نماذج الفنادق الخضراء

المملكة العربية السعودية.. دون بصمة كربونية

تتيح المملكة في فنادقها إقامة صحية دون بصمة كربونية، تعتمد على منظومة من الإدارة السليمة للطاقة، وتجربة خاصة، كما يلي:

  1. فندق بوتيك المشرق – الرياض: فندق يجمع بين الفخامة والاستدامة من خلال إدارة الطاقة الفعالة، التركيز على المنتجات العضوية المحلية، وبرامج إعادة التدوير والحفاظ على المياه.
  2. فندق إيلاف جاليريا – جدة: يجمع بين التصميم المبتكر والوعي البيئي باستخدام الإضاءة الموفرة للطاقة، وتقليل النفايات، وتشجيع الضيوف على الممارسات المستدامة.
  3. فندق بارك حياة جدة – المارينا والنادي والمنتجع: يُبرز الاستدامة عبر أجهزة استشعار الحركة، والطاقة الشمسية، ودمج المكونات العضوية المحلية في قوائم الطهي.
  4. فندق الريتز كارلتون – الرياض: يتميز بتطبيق مبادرات عالمية مثل “الخدمة 360″، وتركيز خاص على الزراعة الحضرية وتوفير المياه.
  5. موائل العلا – العلا: يقع في قلب الطبيعة الصحراوية ويعتمد على مواد بناء طبيعية، طاقة متجددة، وسياسة صارمة ضد البلاستيك.
  6. فندق راديسون بلو – الظهران: يعتمد على مصابيح LED وأنظمة لتجميع مياه الأمطار وإعادة تدويرها لدعم مبادرات الاستدامة المحلية.
  7. إنتركونتيننتال – الخبر: يركز على الإدارة الذكية للطاقة، ويستخدم منصة “Green Engage” لمتابعة استهلاكه البيئي وتحسينه.
  8. كورنيش أسكوت – الخبر: يتميز بإدارة نفايات الطعام وتحويلها إلى سماد، إلى جانب أنظمة التدفئة والتبريد الصديقة للبيئة.
  9. فندق فورسيزونز الرياض – مركز المملكة: يستثمر في نظام إدارة طاقة متطور وبرنامج للمأكولات البحرية المستدامة، مع دعم للجمعيات الخيرية البيئية.
  10. سوفيتل الخبر الكورنيش – الخبر: يدمج الثقافة المحلية مع الاستدامة من خلال أنظمة توفير الطاقة وحملات تنظيف الشواطئ، إلى جانب برامج توعية الضيوف.

الإمارات العربية المتحدة..  منتجعات وفنادق صديقة للبيئة 

  1. منتجع وسبا المها الصحراوي – دبي: يقع في محمية طبيعية ويعزز التنوع البيولوجي بزراعة الأشجار المحلية، وإعادة تدوير المياه، وتقليل هدر الطعام باستخدام ممارسات مستدامة.
  2. فندق جميرا النسيم – دبي: يتميز بمزارع مائية خاصة ونظام ذكاء اصطناعي لإدارة النفايات، ويوفر بيئة صديقة للسلاحف ببحيرة مخصصة لها.
  3. فندق أنانتارا قصر السراب – أبوظبي: يستخدم الطاقة الشمسية وأنظمة مستدامة لإدارة الموارد، مع إنتاج الأغذية العضوية محليًا في حدائقه.
  4. فندق بارك حياة – جزيرة السعديات: يوفر بيئة مثالية للسلاحف البحرية، مع حديقة عضوية لإنتاج الخضروات والفواكه الطازجة.
  5. فندق شيدي البيت – الشارقة: يجمع بين التراث والاستدامة عبر إعادة تدوير النفايات، واستخدام مواد صديقة للبيئة في المباني.
  6. فندق كازا ميكوكو – أم القيوين: يمزج بين الطراز الأفريقي والاستدامة باستخدام مواد طبيعية، مع تجربة فريدة بين أشجار المانغروف.

مصر.. مبادرة النجمة الخضراء للفنادق

في ظل سعي مصر لتحقيق الاستدامة البيئية وتعزيز مكانتها السياحية العالمية، جاءت مبادرة النجمة الخضراء كخطوة رائدة نحو تحويل قطاع الفنادق إلى نموذج يحتذى به في الحفاظ على الموارد الطبيعية. تعتمد هذه المبادرة على مبدأ الجمع بين التراث الثقافي الفريد لمصر وعناصر الجذب الطبيعية مثل الشواطئ النقية والحياة البحرية المميزة، بهدف حماية تلك الموارد الثمينة وضمان استدامتها للأجيال القادمة.

برنامج متكامل لتحقيق التحول الأخضر

برنامج النجمة الخضراء هو شهادة بيئية وطنية تهدف إلى دعم الفنادق المصرية لتحقيق الاستدامة. يتضمن البرنامج مراحل تدريب وتقييم صارمة بالتعاون مع مؤسسات محلية ودولية رائدة، لتطبيق ممارسات بيئية واجتماعية مبتكرة. بدأ البرنامج كتجربة في منطقة الجونة، حيث اختُبرت معاييره على الفنادق هناك، وحقق نجاحًا كبيرًا، مما ساهم في توسع نطاقه ليشمل جميع أنحاء مصر، مؤثرًا بشكل مباشر في أداء القطاع الفندقي من خلال رفع الوعي البيئي وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة.

حاليًا، يوجد في مصر 86 فندقًا حاصلاً على شهادة النجمة الخضراء، تمثل حوالي 10% من الطاقة الفندقية بالدولة. تهدف المبادرة إلى زيادة هذا الرقم، مع التركيز على تحسين الأداء البيئي للوجهات السياحية وتعزيز قدرات الإدارة المستدامة للفنادق. يشمل ذلك تصنيف الفنادق بناءً على أدائها الأخضر وفق نظام صارم يتطلب اجتياز اختبارات دقيقة والتزامًا دائمًا بمعايير الاستدامة، والعديد من الأمثلة لشركات الفنادق التي تشارك في مبادرات التنمية المستدامة، مثل مجموعة “أكور”، و”هيلتون”، و”ماريوت” تشهد بذلك.

ختامًا، برغم التحدِّيَّات التي تواجه تحقيق تعميم الفنادق الخضراء، مثل:

  1. ارتفاع تكاليف التنفيذ: تتطلب ممارسات الاستدامة استثمارات كبيرة في البنية التحتية والتكنولوجيا، مما يضغط على ميزانيات الفنادق.
  2. تعقيد المفهوم: عدم وضوح السياسات والأنظمة المتعلقة بالاستدامة يزيد من صعوبة تطبيقها بفعالية داخل الفنادق.
  3. الدعم المطلوب: تعتمد استدامة الفنادق على تعاون الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتوفير موارد وتشريعات داعمة.

لكنَّ تطلُّعات تتمثل في مبادرات وأمثلة تحقق هذا النهج، وتنجح في تقديمه، فتصير نماذج يُحتَذى بها، في عالم الضيافة والصناعة الفندقية المُستَدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى