- الرئيسية
- أخبار وملفات
- الفنادق المبرمجة.. حيث تصمم التجربة آليًا وفق مشاعر النزيل
الفنادق المبرمجة.. حيث تصمم التجربة آليًا وفق مشاعر النزيل
إم إيه هوتيلز – خاص
في عالمٍ تتحول فيه البيانات إلى لغةٍ جديدة للفهم البشري،
تظهر جيلٌ جديد من الفنادق لا يُدار فقط بالعقول البشرية، بل بالمشاعر المقروءة رقميًا.
فنادق “مبرمجة” لا تكتفي بمعرفة من أنت، بل كيف تشعر —
تتعرف على حالتك النفسية، وتُعيد تشكيل التجربة الفندقية لحظيًا بناءً على انفعالاتك.
إنها ثورة الضيافة التكيفية (Adaptive Hospitality)،
حيث يصبح الفندق كائنًا حيًا يستجيب لحالتك المزاجية ويعدّل سلوك خدمته وفق مشاعرك.
من الضيافة الذكية إلى الضيافة العاطفية
بدأت القصة مع الفنادق الذكية التي وفّرت التحكم بالصوت، والإضاءة، والتكييف عبر الأجهزة المحمولة،
لكن التطور الحقيقي جاء مع دخول الذكاء الاصطناعي العاطفي (Affective AI)،
الذي مكّن الأنظمة من فهم العواطف البشرية عبر تحليل نبرات الصوت، وتعبيرات الوجه، ولغة الجسد.
فبدل أن تضبط الإضاءة بنفسك،
تقوم الكاميرات بتحليل ملامحك لتحدد إن كنت متعبًا أو متوتّرًا،
فتتحول الإضاءة تلقائيًا إلى درجات دافئة،
وتُرسل المنظومة اقتراحًا لتشغيل موسيقى مهدئة أو تقديم مشروب عشبي مخصص.
بهذه الآلية، ينتقل الفندق من “الذكاء التقني” إلى “الذكاء العاطفي”،
ويتحول إلى مساحة تفاعلية تُصمم تجربتها بناءً على مشاعرك في اللحظة نفسها.
الضيف كبيانات حية
لم يعد النزيل في الفنادق المبرمجة رقم حجزٍ أو اسمٍ في النظام،
بل مجموعة بياناتٍ انفعالية وسلوكية تُقرأ وتُحلل باستمرار.
تُجمّع المعلومات من الكاميرات الذكية، ومستشعرات الحركة، والأجهزة القابلة للارتداء،
ثم تُترجم إلى مؤشرات مزاجية تحدد طبيعة الخدمة.
فإن لاحظ النظام انخفاض مستوى الحيوية،
يقترح الإضاءة الزرقاء الباردة لزيادة النشاط.
وإن رصد توترًا في الصوت أثناء المكالمة مع الاستقبال،
يُفعّل تلقائيًا وضع “الهدوء”، فيُخفض صوت الموسيقى العامة ويُرسل إشعارًا لفريق الضيافة للتعامل بلطفٍ خاص.
هكذا تتحول التجربة الفندقية من ثابتة إلى حيوية، ومن عامة إلى شخصية تمامًا.
المشاعر كمعيار جودة
في الماضي، كانت الفنادق تقيس الرضا عبر الاستبيانات الورقية،
أما الآن، فيُقاس “رضا النزيل” من خلال مؤشرات عاطفية فورية.
يستطيع النظام الذكي رصد الانفعالات بدقة 80% من خلال تحليل الوجه والصوت فقط،
ويُعدّل الخدمة بناءً على ذلك قبل أن يعبّر الضيف عن أي ملاحظة.
في فندق “Henn na” الياباني،
تُستخدم روبوتاتٍ تتعرف على المشاعر وتغيّر أسلوب الحديث وفق نغمة النزيل،
بينما طوّرت “Accor AI Suite” خوارزمية قادرة على التنبؤ بالمزاج الجماعي للضيوف في اللوبي،
لتعديل الإضاءة والموسيقى بما يتناسب مع الجو العام.
بهذه الطريقة، أصبح الإحساس الفندقي يُبرمج كما تُبرمج التطبيقات،
لكن بأدوات إنسانية في جوهرها.
السعودية.. الريادة في “التجربة الذكية ذات الطابع الإنساني”
في إطار التحول الرقمي لرؤية 2030،
تتجه الضيافة السعودية نحو مرحلة جديدة تجمع بين التقنية والإنسانية.
ففي مشروع البحر الأحمر،
تُستخدم أنظمة ذكاء اصطناعي لتحليل البيانات السلوكية للنزلاء
منذ لحظة الحجز وحتى المغادرة،
لضبط الخدمات المسبقة وتخصيص الأنشطة بناءً على الحالة المزاجية.
أما فنادق العلا فتختبر نظامًا يعتمد على “الملف العاطفي للنزيل”،
الذي يُنشأ من خلال تفاعلاته السابقة في المنصات الرقمية،
ويُستخدم لتحديد طبيعة التواصل، الموسيقى، وحتى نوع الزهور في الغرفة.
وفي الرياض، تعمل مجموعة من الشركات المحلية الناشئة على تطوير
“نظام ضيافة تكيفي” يستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي للتنبؤ باحتياجات النزيل،
ويتعلم من ردود أفعاله بمرور الوقت ليُعيد تشكيل التجربة تلقائيًا في الزيارة التالية.
موظف ضيافة سعودي يستخدم شاشة تفاعلية تعرض بيانات مزاج النزيل لتخصيص الخدمة

غرفة فندقية ذكية تُغير ألوان الإضاءة تلقائيًا وفق المشاعر الملتقطة عبر المستشعرات

روبوت استقبال يبتسم بلطف أمام نزيل، بعد أن تعرّف على مشاعره من تعبير وجهه

بين الراحة والسيطرة.. الجدل الأخلاقي
رغم الإعجاب الواسع بهذا التطور،
إلا أن الفنادق المبرمجة تواجه أسئلة حساسة تتعلق بالخصوصية والهوية.
فهل يحق للفندق تحليل مشاعر النزيل دون إذنه؟
وماذا لو استُخدمت تلك البيانات لاحقًا لأغراض تسويقية؟
تعمل الهيئات التنظيمية — ومنها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) —
على وضع معايير صارمة لاستخدام بيانات المشاعر ضمن ضوابط الخصوصية،
بحيث تُستخدم لتحسين التجربة فقط،
ولا تُخزن أو تُشارك مع أطرافٍ ثالثة.
بهذا التوازن، تسعى السعودية إلى تحقيق ضيافة ذكية تراعي المشاعر دون أن تنتهكها،
وتحوّل التكنولوجيا من أداة مراقبة إلى وسيلة تعاطف.
التجربة المبرمجة كفن
رغم الطابع الآلي للفنادق المبرمجة،
إلا أنها لا تُلغي الجانب الفني من الضيافة، بل تُعيد تعريفه.
فهي لا تهدف إلى إحلال الآلة مكان الإنسان،
بل إلى بناء تعاونٍ جديد بين الحس البشري والخوارزمية.
فالمضيف هنا لا يختفي، بل يتطور ليصبح “مفسر مشاعر رقمية”،
يعمل جنبًا إلى جنب مع النظام الذكي لضبط التفاصيل الدقيقة.
هذا التحالف بين التكنولوجيا والعاطفة هو ما يجعل
الفنادق المبرمجة أكثر إنسانية من أي وقت مضى،
لأنها تتعلم كيف تشعر، لا كيف تُنفّذ فقط.
المستقبل.. من الخدمة إلى “التجربة الذاتية المتصلة”
يتوقع الخبراء أن تتحول الفنادق المبرمجة خلال العقد المقبل
إلى منصات ذكية متكاملة تربط بين الحالة الجسدية والعاطفية للنزيل.
فأجهزة تتبع النوم ستتصل بخوادم الفندق،
لتقترح وجبات أو أنشطة بناءً على جودة نوم الضيف،
وستُستخدم تحليلات الصوت لتحديد الإرهاق أو القلق،
فيقترح النظام جلسة تدليك أو عشاء مهدئ.
وحين يغادر النزيل، تبقى بياناته العاطفية في “ملفه الرقمي” الآمن،
لتُستخدم في رحلاته القادمة لضبط تجربته من اللحظة الأولى.
إنها ضيافة تتعلمك مع الوقت،
تُخطئ وتُصحّح حتى تُتقن كيف تُرضيك دون أن تتكلم.
س: ما المقصود بالفنادق المبرمجة؟
ج: هي فنادق تستخدم الذكاء الاصطناعي العاطفي لقراءة مشاعر النزيل وضبط التجربة الفندقية وفق حالته النفسية لحظيًا.
س: كيف تتفاعل هذه الفنادق مع الضيوف؟
ج: عبر مستشعرات وكاميرات وبيانات سلوكية تُحلل نبرات الصوت وتعبيرات الوجه لتكييف الإضاءة والموسيقى والخدمة.
س: ما دور السعودية في هذا الاتجاه؟
ج: تقود مشاريع البحر الأحمر والعلا والرياض مبادراتٍ رائدة في تطبيق الذكاء الاصطناعي التفاعلي مع احترام الخصوصية.
س: هل تهدد هذه التقنيات خصوصية النزيل؟
ج: تم وضع أطر قانونية صارمة في السعودية والعالم لتنظيم استخدام بيانات المشاعر بما يحفظ الخصوصية والشفافية.
اقرأ أيضًا: “الضيافة الحسية”.. تجربة متكاملة من خلال الحواس الخمس





