الفنادق كمعالم سياحية
عمر غازي
في إحدى زياراته لدبي، توقف سائح أمريكي أمام برج العرب، ذلك الفندق الذي بات رمزًا للرفاهية العالمية، لم يكن الهدف حجز غرفة أو الاستمتاع بخدماته الفاخرة، بل كان يبحث عن صورة تذكارية أمام هذا المعلم الذي أصبح وجهة سياحية بحد ذاته، هذا المشهد يتكرر في مدن أخرى حول العالم، حيث تحولت الفنادق من مجرد أماكن للإقامة إلى معالم سياحية تجذب الزوار من كل مكان، تجربة برج العرب ليست استثناءً، بل نموذجًا لثورة جديدة في مفهوم السياحة.
تحول الفنادق إلى وجهات سياحية هو انعكاس لتحولات عميقة في صناعة الضيافة، حيث أظهرت دراسة أجرتها منظمة السياحة العالمية عام 2021 أن أكثر من 30% من السياح يختارون وجهاتهم بناءً على شهرة الفنادق والمعالم المرتبطة بها، هذا التغير في السلوك السياحي دفع العديد من الشركات الفندقية إلى الاستثمار في تصميم مباني مبهرة وخدمات غير تقليدية لجذب الزوار.
لم تعد الفنادق مجرد مكان للإقامة، بل أصبحت جزءًا من تجربة السفر بحد ذاتها، من برج خليفة في دبي، الذي يحتضن فندق “أرماني”، إلى فندق “مارينا باي ساندز” في سنغافورة، الذي يضم مسبحًا لامتناهيًا على سطحه يطل على أفق المدينة، أصبحت هذه الفنادق أكثر من مجرد مبانٍ، بل أصبحت تجارب تُضاف إلى قائمة الأماكن التي يجب زيارتها، حيث أظهرت دراسة صادرة عن Booking.com عام 2022 أن 40% من المسافرين يبحثون عن فنادق تقدم تجربة فريدة تخرج عن المألوف، سواء كان ذلك من خلال الهندسة المعمارية، أو المواقع الجغرافية المميزة، أو الخدمات المبتكرة.
في العالم العربي، تسير العديد من المدن على خطى دبي، مثل العاصمة السعودية الرياض، التي تعمل على تحويل فندق “ريتز كارلتون” إلى وجهة سياحية بارزة، من خلال تنظيم فعاليات ثقافية ومعارض عالمية داخله، بالإضافة إلى مدينة أبوظبي التي تتباهى بفندق “قصر الإمارات”، الذي أصبح رمزًا فاخرًا يعكس ثقافة الضيافة العربية، هذا التحول لا يقتصر على المدن الكبرى فقط، بل يمتد إلى المناطق الريفية، حيث يتم تصميم فنادق تستلهم من البيئة المحلية لتقديم تجربة أصيلة تجمع بين الفخامة والبساطة.
التحول الذي تشهده صناعة الفنادق يعكس تغييرات أعمق في مفهوم السياحة نفسه، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد عام 2020 أن المسافرين في العصر الحالي يبحثون عن تجارب تدمج بين الترفيه والثقافة، بين الفخامة والارتباط بالمكان، هذا التحول دفع العديد من الشركات إلى الاستثمار في إنشاء فنادق تعكس هوية المدن التي تستضيفها، مما يجعلها جزءًا من القصة السياحية لتلك المدن.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن للدول التي لا تمتلك موارد ضخمة أن تستفيد من هذا التحول؟ الجواب يكمن في الابتكار، حيث أظهرت تجارب ناجحة في دول مثل المغرب ولبنان أن التصميم الإبداعي والارتباط بالهوية المحلية يمكن أن يجعل من أي فندق وجهة سياحية، تجربة المغرب، على سبيل المثال، مع “رياض مراكش”، تُظهر كيف يمكن للفنادق الصغيرة التي تستلهم من التراث المحلي أن تحقق شهرة عالمية وتصبح جزءًا من ذاكرة السائح.
سياحة الفنادق لم تعد مجرد فكرة عابرة، بل أصبحت رافدًا اقتصاديًا يسهم في تعزيز الإيرادات السياحية، وتحسين صورة المدن والدول عالميًا، التجربة العالمية والعربية تُظهر أن تحويل الفنادق إلى معالم سياحية ليس خيارًا فقط، بل ضرورة لمواكبة التغيرات في سوق السفر، وربما تكون الخطوة القادمة هي إعادة تعريف الضيافة ذاتها لتصبح أكثر من مجرد إقامة، بل تجربة تُخلد في ذاكرة الزائر، وتجعل من الفنادق قصصًا تُروى عبر الأجيال.
إقرأ أيضًا الضيافة المخصصة.. كيف تقدم الفنادق تجربة فريدة لكل ضيف؟