استراتيجية العمران الفندقي.. كيف تحوَّل ملجأ نازي إلى سكن REVERB الفاخر؟
إم إيه هوتيلز- خاص
يقف في قلب مدينة هامبورغ الألمانية، وتحديدًا في منطقة سانت باولي، مبنى ضخم يشهد على حقبة تاريخية مضت. هذا الملجأ، الذي بُني عام 1942 خلال الحقبة النازية، كان يُستخدم كبرج مضاد للطائرات ومأوى للمدنيين خلال الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية. اليوم، وبعد مرور أكثر من ثمانية عقود، شهد هذا المبنى تحولًا جذريًا ليصبح رمزًا للتجديد والتطور الحضري.
العُمران حوَّل الملجأ المخيف البانكر الأخضر ، المعروف رسميًا باسم بانكر سانت باولي “Green Bunker Hamburg” فندقًا فاخرًا يتألَّف من خمسة طوابق ومجمع ترفيهي. “REVERB” إحدى أشهر المساكن الفندقية الألمانية التابعة لمجموعة فنادق “هارد روك” العالمية، الذي يجمع بين التاريخ والحداثة.
REVERB””.. ملامح التحوُّل نحو العمران الفندقي
التاريخ الأصلي
بُني ملجأ سانت باولي في عام 1942، بارتفاع يصل إلى 40 مترًا، مع جدران خارجية بسماكة 2.5 متر وسقف معزز بسمك 3.5 متر من الخرسانة المسلحة، ووزن إجمالي يصل إلى 76 ألف طن. تم تشييده في غضون 300 يوم فقط باستخدام العمالة القسرية، وكان يُعد من أكبر الملاجئ في ألمانيا، حيث استضاف ما يصل إلى 25 ألف مدني خلال الغارات الجوية، خاصة خلال عملية قصف الحلفاء لهامبورغ في يوليو 1943.
التحول الحديث
الآن بعد عملية تجديد استمرت خمس سنوات وبتكلفة 100 مليون دولار، تم تحويل الملجأ إلى فندق فاخر يضم 136 غرفة، موزعة على خمسة طوابق. يحتوي الفندق على مطعمين، وحانة على السطح بُنيت حديثًا على شكل هرم، وحديقة تتدفق منها الخضرة بكثرة على الواجهة الخرسانية. كما يضم المبنى قاعة حفلات تتسع لأكثر من 2000 شخص، مما يجعله مركزًا حيويًا للفعاليات الثقافية والفنية في المدينة.
المساحات الخضراء
أُضيفت مساحات خضراء على السطح والواجهات، مما أضفى طابعًا سلميًا وإيجابيًا على المبنى الذي كان رمزًا للديكتاتورية النازية. الحديقة الموجودة على السطح، والمعروفة باسم “Green Beanie”، توفر مساحة خضراء للزوار، مع بار وممر يحيط بالمبنى يمكن للجمهور الوصول إليه مجانًا. هذا التصميم يهدف إلى دمج الطبيعة مع البنية الخرسانية، مما يخلق توازنًا بين الماضي والحاضر.
المركز التذكاري
يضم المبنى معرضًا في الطابق الأول يروي تاريخه خلال الحرب وبعدها، مع شهادات ووثائق من أشخاص عاشوا فيه أو شاركوا في بنائه. هذا المعرض يهدف إلى توعية الزوار بتاريخ المبنى ودوره خلال الحقبة النازية، مع التركيز على قصص الأفراد الذين تأثروا به. تم جمع هذه الوثائق والشهادات من قبل جمعية “هيلديغاردن” المحلية، التي عملت على الحفاظ على الذاكرة التاريخية للمكان.
أهمية المشروع
يُعد هذا التحول جزءًا من جهود “إزالة النازية” في ألمانيا، حيث يتم إعادة استخدام المباني ذات التاريخ المأساوي لأغراض سلمية ومفيدة للمجتمع، مع الحفاظ على الذاكرة التاريخية وتوعية الأجيال الجديدة. تحويل ملجأ سانت باولي إلى فندق ومجمع ترفيهي يُظهر كيف يمكن للهندسة المعمارية أن تلعب دورًا حاسمًا في تحويل المباني التاريخية إلى مساحات حديثة تلبي احتياجات المجتمع. من خلال دمج العناصر الخضراء والتصاميم المبتكرة، يمكن تحويل الهياكل القديمة إلى مراكز حيوية تجمع بين التاريخ والحداثة.
استراتيجية العمران الفندقي
هذا المشروع يُعتبر مثالًا حيًا على كيفية تحويل رموز الماضي إلى معالم مستقبلية تخدم المجتمع وتُثريه. من خلال الجمع بين الفخامة والحفاظ على التاريخ، يقدم فندق سانت باولي تجربة فريدة للزوار، حيث يمكنهم الاستمتاع بالإقامة الفاخرة وفي نفس الوقت التعرف على تاريخ المبنى ودوره خلال الحرب العالمية الثانية. هذا النهج في تحويل المباني التاريخية إلى فنادق فاخرة يُظهر كيف يمكن للمجتمعات أن تتعامل مع ماضيها بطرق بناءة، من خلال تحويل الأماكن التي كانت مرتبطة بأحداث سلبية إلى مساحات تساهم في التنمية الثقافية والاقتصادية.
مظاهر التجديد والتطوير
- التصميم الداخلي والخارجي: تم الحفاظ على الهيكل الخارجي للمبنى مع إدخال تعديلات حديثة تضفي عليه طابعًا معاصرًا. الديكورات الداخلية تم تصميمها بعناية لتوفير أقصى درجات الراحة والفخامة للنزلاء، مع الحفاظ على بعض العناصر التاريخية التي تذكر الزوار بتاريخ المكان.
- التقنيات الحديثة: تم تجهيز الفندق بأحدث التقنيات لتوفير تجربة مميزة للنزلاء، بما في ذلك أنظمة الإضاءة الذكية، وخدمات الاتصال الحديثة، ومرافق ترفيهية متطورة. كما تم دمج تقنيات الاستدامة البيئية في تصميم المبنى، مثل أنظمة توفير الطاقة واستخدام المواد الصديقة للبيئة.
- الأنشطة الثقافية والفنية: يستضيف المبنى فعاليات ثقافية وفنية متنوعة، مما يجعله مركزًا للحياة الثقافية في هامبورغ. قاعة الحفلات التي تتسع لأكثر من 2000 شخص تُعد منصة للفنانين المحليين والدوليين لتقديم عروضهم، مما يساهم في تعزيز المشهد الثقافي في المدينة.
ختامًا، إنَّ تحويل مبنى حربي إلى فندق فاخر ومجمع ترفيهي يُعد مثالًا رائعًا على كيفية تحويل المباني التاريخية إلى مساحات تخدم المجتمع بطرق جديدة ومبتكرة.
من خلال دمج التاريخ مع الحداثة، تُقدِّم استراتيجية العمران الفندقي نموذجًا لاحترام الماضي والتاريخ، وتحويل الذكرى الأليمة إلى حالة ترويجية تخلِّد التاريخ، وتنفع الحاضر، وتتطلَّع نحو مستقبل أفضل.
إقرأ أيضا الأنظمة الذكية داخل الفنادق.. بين المفهوم والآلية والنماذج