استعدادات فندقية لمواجهة التغير المناخي
إم إيه هوتيلز – خاص
يواجه العالم في السنوات الأخيرة تغيرًا مناخيًا حادًا أثَّر على مختلف جوانب الحياة، وترك بصمته الواضحة على القطاعات الاقتصادية. ويُعد قطاع السياحة والفنادق من أبرز المجالات التي تأثرت سلبًا بهذا التغير، حيث تؤثر الظواهر المناخية المتطرفة، مثل ارتفاع درجات الحرارة والعواصف والأمطار الغزيرة، بشكل مباشر على بيئة العمل الفندقي واستمرارية الخدمات السياحية. في هذا السياق، أصبح من الضروري أن تتبنى الفنادق استراتيجيات مستدامة وفعالة لمواجهة التحديات المناخية المتزايدة، حفاظًا على قدرتها التنافسية وسلامة ضيوفها ومرافقها.
تستعد حوالي 200 دولة لتخصيص نحو 300 مليار دولار من الأموال الحكومية للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، و300 مليار دولار لتدابير التكيَّف و400 مليار دولار للإغاثة من الكوارث. لذا على الفنادق أن تتخذ من التدابير لمواجهة هذا التغير، وكذا مواجهة أي آثار محتملة تضر باقتصادها أو كفاءتها.
مخاطر التغيرات المناخية على السياحة الشتوية
أعلن الاتحاد الدولي للتزلج والتزحلق على الجليد (FIS) والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) عن شراكة جديدة بينهما لزيادة الوعي بحقيقة أن الرياضات الشتوية والسياحة الشتوية تواجهان مستقبلاً قاتماً بسبب تغير المناخ. فوقَّع الاتحاد والمنظمة مذكرة تفاهم جديدة تلزمهما بالعمل معاً لتسليط الضوء على الآثار البعيدة المدى لارتفاع درجات الحرارة العالمية على الغطاء الثلجي والجليدي، ووضع مبادرات عملية تهدف إلى تعزيز الحوار العلمي والرياضي. وهذه هي المرة الأولى التي تعقد فيها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بوصفها إحدى الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، شراكة مع اتحاد رياضي دولي.
وبالطبع ستؤثِّر هذه المخاطر على شكل ومضمون السياحة الشتوية، ويتبعها كذلك القطاع الفندقي الذي يعد جزءًا لا يتجزَّأ عنه، فتُهجر النُزل الفندقية، يصبح الخواء مصيرها، ما سيؤثِّر على الدخول القومية داخلالعديد من الدول، المُعتمد اقتصادها على الرواج السياحي، بشكل كبير.
آثار المناخ المتوقَّعة على قطاع السياحة والفنادق
تغيرات درجات الحرارة
تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة تكرار دورات التجميد والذوبان، مما يؤثر على هيكل المباني الحجرية ويغير أنماط تحطم الصخور، كما تتسبب هذه التغيرات في تدهور الواجهات والبنية التحتية، بالتزامن مع تأثير الرطوبة والتلوث الجوي، ما يزيد من تآكل المعادن والأحجار، وهذا ربما يشمل فنادق قديمة لم تُجر عليها تحديثات أو إصلاحات قريبة.
التأثير على المباني التاريخية والآثار
الأمطار التي تُحركها الرياح تُسهم في تآكل أسطح المباني والآثار، بالإضافة إلى تسرب المياه إلى المواد المسامية، مما يؤدي إلى تدهور سريع للهياكل التاريخية. هذه الظاهرة تشكل تهديدًا كبيرًا على استدامة المواقع الأثرية المهمة، مما سيفني مستقبل القطاع الفندقي في تلك المناطق.
ارتفاع مستوى سطح البحر
مع زيادة تكرار العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر، تعرض المواقع التراثية الساحلية وبعض المناطق الشاطئية، لا سيَّما التي تطل عليها الفنادق أو تقوم بإداراتها، لخطر الغمر والدمار.
المناخات الأكثر دفئًا
تؤثر المناخات الدافئة على المواقع السياحية والفندقية ما قد في المناطق الجليدية، حيث تُعرّضها لدورات تجميد وذوبان متكررة تؤدي إلى تدهور سريع. كما يؤثر ذوبان الجليد الدائم على استقرار المباني التاريخية، ويزيد من احتمالية حرائق الغابات بسبب الحرارة العالية.
تأثيرات الإقبال السياحي والفندقي
تتأثر تكاليف تشغيل الوجهات السياحية بشكل مباشر نتيجة لتغير المناخ. قد تزيد التكاليف التشغيلية بسبب الأضرار الهيكلية التي تلحق بالمرافق السياحية، إضافة إلى ارتفاع أقساط التأمين، مما يفرض تحديات مالية كبيرة على القطاع. قد تتأثر موارد السياحة الطبيعية بتغير المناخ، مثل فقدان التنوع البيولوجي وتدهور جمالية المناظر الطبيعية، ما يلقي بظلاله السلبية على جاذبية الوجهات السياحية وبالتالي تقليصها، ويُقلل من الإقبال السياحي والإيرادات لدى الفنادق.
رُبَّما تتأثر تدفقات السياحة العالمية بسياسات التخفيف المرتبطة بتغير المناخ، حيث قد ترتفع أسعار السفر بسبب تكاليف النقل والضرائب البيئية، كما أن تغييرات في مسارات الطيران ونسبة الرحلات القصيرة والطويلة قد تؤدي إلى تقليص أعداد السياح بشكل عام، مما يستدعي بعض الفنادق للاستغناء عن نسبة من القوى التشغيلية، وما يترتَّب عليه من ظواهر البطالة وزيادة العاطلين العمل.Bottom of Form
حلول فندقية لمواجهة التغير المناخي
مع تزايد تأثيرات التغيرات المناخية على البيئة والاقتصاد، يتعين على الفنادق اتخاذ تدابير استباقية للتكيف مع هذه التحديات في عام 2025، وذلك بفعيل فوري لعدد من الحلول الهادفة:
- الاستثمار في الطاقة المتجددة: يمكن للفنادق تقليل اعتمادها على مصادر الطاقة التقليدية عبر تركيب أنظمة توليد الطاقة الشمسية أو الرياح، مما يقلل من انبعاثات الكربون ويحافظ على استدامة الموارد.
- إدارة المياه بكفاءة: يجب على الفنادق تبني تقنيات إدارة المياه، مثل أنظمة جمع مياه الأمطار وإعادة استخدامها في التنظيف والري، وتقنيات تقليل استهلاك المياه في الغرف والمرافق.
- تصميم مستدام للمباني: اعتماد تصاميم معمارية صديقة للبيئة باستخدام مواد بناء مستدامة وعزل حراري يحافظ على استهلاك الطاقة، مما يقلل من تأثير الظروف المناخية القاسية.
- الزراعة العمودية والمحلية: يمكن للفنادق إنشاء مزارع عمودية صغيرة داخل المنشأة لتوفير احتياجات المطبخ من الخضروات والفواكه الطازجة، مما يقلل من الاعتماد على النقل ويقلل من انبعاثات الكربون المرتبطة بسلسلة التوريد.
- الوعي البيئي والتوعية: على الفنادق تعزيز الوعي لدى النزلاء والموظفين حول أهمية المحافظة على البيئة من خلال برامج التوعية والممارسات المستدامة مثل تقليل استخدام البلاستيك وتقنيات إعادة التدوير.
ختامًا، إنَّ المخاطر التي يواجهها القطاع الفندقيِّ، الذي يقوم على جوانب عوامل الجذب المناخي السياحية، لا يمكن التعامل معها دون قرارات مسؤولة، على المستويين الحكومي والخاص، والذي بتداركه يتجنَّب الجميع خسائر عديدة.