شرايين الحياة تنبض فى فنادق الغردقة وشرم الشيخ
بعد ستة أعوام عجاف، اشتد في آخر عامين منها الجفاف، بسبب جائحة كورونا، أمطرت سحابات السياحة، عشاق مزارات مصر من المواطنين الروس، لترجح التوقعات فيضا متزايدا خلال الشهرين القادمين ليصل ذروته مع حلول الشتاء.. الأرقام المتزايدة للسياحة الوافدة منذ الأسبوع الثانى من شهر أغسطس الجارى تبعث على التفاؤل ومعدلات إشغال الفنادق والمنتجعات في مدينتى شرم الشيخ والغردقة، مثيرة للبهجة وتبشر بظهور نقطة النهاية لصفحات من الركود الذي واكب مرحلة عدم الاستقرار التي أعقبت ثورة يناير.
سكان الأقاليم الروسية غاروا من موسكو وطالبوا بمساواتهم في فرص الطيران مباشرة من بلدانهم إلى الأراضى المصرية، والعائدين منها أشعلوا رغبة مواطنيهم بما نقلوه إليهم من أمان المقصد المصرى وما شاهدوه من تطور وتحضر أبهرهم.. خبراء السياحة وأصحاب الشركات السياحية وملاك الفنادق المصريون بدورهم استعدوا لاستقبال الزائرين الذين طال غيابهم لتعويض خسائرهم طوال أعوام مضت.
أعرب أحمد حسن، رئيس مجلس إدارة صن إنترناشنول، الوكيل السياحى الأوكرانى والروسى في مصر، عن تفاؤله بالمؤشرات الإيجابية المصاحبة لعودة السياحة الروسية إلى مصر خلال الأسبوعين الماضيين، متوقعا تزايد أعداد الوافدين خلال الفترة المقبلة، خاصة مع حلول الشتاء، قائلا إن توافد السياح الروس بدأ مع تفعيل القرار الخاص بذلك في التاسع من أغسطس الجارى، وبمعدل 5 رحلات أسبوعية لكل من مدينتى الغردقة وشرم الشيخ وتحمل كل رحلة 520 راكبا.
أضاف أنه مع تزايد الطلب وإيجابية تقرير اللجنة الأمنية الروسية الموفدة إلى مصر، قامت شركة مصر للطيران ومن خلال شركتى أنيكس وتيوى، بتسيير 7 رحلات أخرى أسبوعية بواقع 4 لمدينة الغردقة و3 لشرم الشيخ، وتحمل كل رحلة 340 راكبا، موضحا أنه على أثر توالى المؤشرات الإيجابية أسفر اجتماع شركات السياحة الروسية مع السلطات الحكومية هناك عن الموافقة على تسيير المزيد من الرحلات للوفاء بالطلب المتزايد من قبل السياح الروس على زيارة مصر، وهو ما تقرر على أثره زيادة عدد الرحلات وهو ما نتوقع معه توالى التدفقات السياحية الروسية مع حلول الشتاء القارس في روسيا وكذلك المقاصد المنافسة في أوروبا لتقفز المقاصد المصرية الدافئة إلى مرتبة الصدارة.
وأرجع أحمد حسن النتائج الإيجابية إلى كفاءة الأجهزة المصرية في ضبط إيقاع الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وهو ما أثار انتباه وإشادة لجان المتابعة الروسية الموفدة إلى مصر، مشيرا إلى سرعة قيام الجهات الرقابية المصرية بتلافى الملاحظات التي رصدتها هذه اللجان، وهو ما أسفر عن غلق بعض المنشآت السياحية التي تراخت في تطبيق الضوابط المقررة من قبل مجلس الوزراء لمقاومة جائحة كورونا.
وأضاف أنه كان لردود الأفعال الإيجابية من قبل الوافدين الروس تجاه ملامح التطوير في مدينتى الغردقة وشرم الشيخ أثرها الكبير في دعم الترويج السياحى للمدينتين، مشيرا إلى أن انخفاض معدل إنفاق السياح الروس حاليا مقارنة بما كان عليه المعدل قبل 6 سنوات مضت ظاهرة لن تستمر مع استمرار زيادة الطلب ومعدلات التوافد السياحى، وكذلك استمرار الثقة في مقومات الأمان الصحى التي تتزايد وتيرتها مع استمرار خطة تلقى العاملين بالقطاع السياحى المصرى الطعوم المضادة لفيروس كورونا، وكذلك الإجراءات الاحترازية المعمول بها لتقويض العدوى خلال الرحلة السياحية ومطارات الوصول والسفر.
وأكد مصطفى الخضرى، مدير عام أنيكس تورز بمصر؛ الشركات المتخصصة في جلب السياح الروس إلى مصر، أن هناك مؤشرات واضحة لزيادة الطلب على المقاصد المصرية من قبل السياح الروس، مشيرا إلى انعكاس ذلك على زيادة عدد الرحلات من 3 إلى شرم الشيخ و4 إلى الغردقة مع بداية تنفيذ القرار في الأسبوع الثانى من أغسطس الجارى إلى 5 رحلات لكل من المدينتين في الوقت الحالى، متوقعا توالى زيادة عدد الرحلات خلال الأيام القليلة القادمة.
وأوضح الخضرى أن التقارير الصادرة عن اللجان المتخصصة التي أوفدها الروس لرصد الأحوال في مصر كانت إيجابية للغاية، وهو ما دعم مطالب نحو 40 إقليما روسيا لتسيير رحلات مباشرة من مطاراتها إلى المقاصد السياحية المصرية في الغردقة وشرم الشيخ، بينما تشير المعلومات إلى أنه من المتوقع إقلاع ما بين 2 و5 طائرات من كل إقليم وهو مؤشر يدلل على تجاوز عدد الرحلات المتوقع وصولها نحو مائة رحلة في الأسبوع لكل من المدينتين، قائلا إنه في غضون الأيام القليلة القادمة سوف يصدر تقرير جديد وفى حال استقرار الحالة الوبائية لفيروس كورونا من المتوقع تعاظم طلب السياح الروس على زيارة مصر، مشيرا إلى أن السائح الروسى كان يتكبد عناء الرحلة البرية ما بين القاهرة والغردقة أو شرم الشيخ قبل التصريح بالطيران المباشر من بلاده إليهما، وهو ما يشير بوضوح إلى أنها مقاصد سياحية مفضلة للمواطنين الروس.
وأعرب الخضرى عن تفاؤله بزيادة أعداد الوافدين من السوق الروسية، منوها إلى معلومات رصدت رحلات طلبت التصريح لها بالطيران بلغت نحو 169 رحلة إلى الغردقة و126 رحلة إلى شرم الشيخ بحلول يوم السابع والعشرين من أغسطس الجارى وربما قبل ذلك، مشيرا إلى أن ذلك يمنح فرصا متزايدة لمعدل الرواج السياحى في المدينتين وينعكس بزيادة مؤكدة على معدلات الإشغال في الفنادق، وهو ما يتوقع معه ارتفاع الأسعار وتحسن الأحوال في القطاع السياحى والعاملين به.
وقال إن المراقب لتفضيلات السائح الروسى لن يرصد تغييرا كبيرا في أنماطه السياحية المفضلة، والتى تنحصر في السياحة الشاطئية بالأساس وميول العض منهم لسياحة اليوم الواحد التي ينطلق فيها من الغردقة إلى القاهرة أو الأقصر، ومن شرم الشيخ إلى سانت كاترين، مضيفا أن معدل إنفاق السائح الروسى لم يطرأ عليه تغيير يذكر خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار انخفاض معدلات الإنفاق للسياح في العالم عموما جراء الآثار السلبية لجائحة كورونا، ومنوها بأن ذلك عرضة للتغير بالطبع مع زوال الأسباب وارتفاع معدلات الأمان الصحى وانخفاض الإجراءات والقيود خلال حركة تنقلات الأفواج السياحية.
محمد عيد، مدير إدارة التسويق بمجموعة فنادق الباتروس للسياحة، قال: إننا تخصصنا منذ زمن طويل في استقبال السياح الروس ولدينا خبرات متميزة في التعامل معهم، ويمكننا أن نؤكد بوضوح مشاعرهم الإيجابية تجاه العودة للسياحة في مصر، وشعورهم بالرضا عن كفاءة الخدمات المقدمة لهم، وكذلك الإجراءات الاحترازية المعمول بها منذ لحظة وصولهم المطار وحتى المغادرة عائدين إلى وطنهم. مضيفا: نحن بدورنا كعاملين في القطاع السياحى ضاعفنا الجهود والإجراءات المعمول بها تجنبا لحدوث أي ملاحظات تحدث أثرا سلبيا يعود بالمؤشر السياحى إلى الخلف مجددا.
وقال إن المجموعة اهتمت بتنظيم حفل استقبال متميز مع بدء عودة السياحة الروسية المباشرة إلى الغردقة، وحرصنا على تواجد فعال للإعلام الروسى لتغطية الاحتفالية لأننا ما زلنا على يقين بضرورة مواصلة الجهود النشطة من خلال جمعية المستثمرين في كل من الغردقة وشرم الشيخ لدعم جهود الدولة التي تستهدف استقرار معدلات التوافد السياحى، خاصة من الأسواق الكبيرة في العالم التي تفضل السياحة في مصر مثل السوق الروسية.
وأوضح أن أهمية هذه السوق تكمن في كثافة الوافدين منها وهو ما يؤثر إيجابيا ولفترات طويلة على معدلات الإشغال في الفنادق، وهو ما لم يحدث حتى الآن بذات الدرجة التي كانت عليها المعدلات قبل ست سنوات، مشيرا إلى أن ذلك طبيعى مع استمرار الحالة الوبائية العالمية وعدم استقرارها، إلا أنه أعرب عن تفاؤله بزيادة معدلات السياحة الروسية الوافدة بعد منتصف سبتمبر القادم وطوال فترة الشتاء.
وأضاف: لدينا فرصة كبيرة في دعم معدل توافد السياحة الروسية إلى مصر بعد عودة الطيران المباشر من مختلف الأقاليم الروسية إلى المطارات الروسية خاصة في القاهرة وشرم والغردقة، موضحا ضرورة تحالف رجال الأعمال والمستثمرين والشركات ومنظمى السفر لتنظيم دعاية مشتركة للمقاصد المصرية في السوق الروسية، خاصة أن التواصل مع الشركات الروسية بات مباشرا ودافئا بعد فترة انقطاع طويلة دامت السنوات الماضية.
وطالب عيد بضرورة استمرار الاستعداد التام لاستقبال ممثلى الشعب الروسى، سواء على المستوى الرسمى أو من الصحفيين والإعلاميين، بل والسعى لذلك دعما لاستمرار حالة الثقة والاطمئنان من جانبهم تجاه المقاصد السياحية المصرية، فضلا عن حرص الجانب المصرى على المشاركة في المعارض الدولية بهدف تعزيز جهود الترويج السياحى لمصر والإسراع بوتيرة عودة معدلات التوافد السياحى خاصة الروسى الذي بدا واضحا أنه يستعيد معدلاته بالتدريج وبشكل متسارع.