فندق لبناني عريق يقفل أبوابه جراء انهيار الاقتصاد وانتشار كورونا
أقفل فندق البريستول العريق في بيروت أبوابه بعد نحو سبعة عقود من افتتاحه، وفق ما أكد مسؤول فيه لوكالة فرانس برس السبت، في خطوة تأتي على وقع انهيار اقتصادي حاد فاقمته إجراءات التصدي لفيروس كورونا المستجد.
وشكل الفندق ذو النجوم الخمسة الذي تأسّس عام 1951، شاهداً على حقبات عدّة من تاريخ لبنان. واستضاف شخصيات سياسية ونجوماً من أنحاء العالم في سنوات الازدهار التي عرفها لبنان قبل الحرب الأهلية (1975-1990)، وبقيت أبوابه مشرعة خلال الحرب، وبعدها خلال سنوات الألفين التي شهدت اغتيالات وأزمات متتالية وحربا مع إسرائيل، حين كان يستضيف صحافيين أجانب.
وقال مدير الفندق اللبناني الفرنسي جوزف كوبات لوكالة فرانس برس “منذ شهر أكتوبر ومع كورونا حالياً، وعلى وقع المشاكل المالية التي نشهدها في البلد، انخفض معدل الإشغال إلى مستوى متدن جداً”.
وأضاف أنه بعد تريّث لستة أشهر، “قررت الشركة المالكة إغلاق الفندق في انتظار أيام أفضل، وفي الوقت الراهن هذا الإغلاق دائم”، بعدما “بات الوضع الاقتصادي لا يُحتمل”.
ومنذ تأسيسه، أقفل الفندق فقط في الفترة الممتدة بين عامي 2013 و2015 خلال أعمال إعادة تأهيل كلفت ملايين الدولارات، وفق مديره.
وعرف أيضا بمطعمه الفاخر وصحنه اليومي ومحل الحلوى والشوكولا الذي كان يقصده كثيرون.
احتضن الفندق في 2004 و2005 اجتماعات دورية لأركان المعارضة آنذاك الذين أطلقوا على تجمعهم اسم “لقاء البريستول” تيمنا باسم الفندق، وكان ذلك أول تجمع كبير مناهض للوجود السوري في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية. وشكل نواة “قوى 14 آذار” التي نشأت بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ولعبت دورا أساسيا في قيادة الشارع المنتفض لإخراج الجيش السوري من لبنان، الانسحاب الذي حصل في أبريل 2005.
وقال كوبات الذي يعمل في المجال الفندقي منذ أربعين عاماً إنه لم يشهد مثيلاً للوضع “الكارثي” الراهن في لبنان مع غياب تام للزبائن، مناشداً المسؤولين “التفكير بخطة إنقاذ”.
وقالت المديرة المساعدة التنفيذية في الفندق باسكال سلوان لفرانس برس “إنه اغلاق كامل لأسطورة البريستول”، موضحة أن مستحقات الموظفين ستُدفع الأسبوع المقبل.
وعلّقت فنادق فخمة عدة عملها مؤخراً في لبنان مع تراجع نسبة الإشغال إلى الصفر، نتيجة تراجع الحركة السياحية منذ نهاية الصيف، على وقع انهيار اقتصادي غير مسبوق، ومن ثم إقفال مطار بيروت قبل شهر في إطار خطة تعبئة عامة أعلنتها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
وتواجه البلاد صعوبات اقتصادية خطيرة وأزمة سيولة حادة تفاقمت بعد بدء احتجاجات غير مسبوقة في أكتوبر ضد الطبقة السياسية بأكملها المتهمة بالفساد وفشلها في إدارة الأزمات المتلاحقة.
وخسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم جراء الأزمة خلال الأشهر الستة الماضية. وأغلقت شركات عدة أبوابها بينها مجمع تجاري ضخم قرب بيروت كان يوفر فرص عمل لـ500 شخص.
وفاقم انتشار كوفيد-19 الوضع الاقتصادي المتردي أساساً خصوصاً بعد وقف حركة النقل براً وبحراً وجواً في بلد لطالما اعتمد اقتصاده على الخدمات والسياحة التي تراجعت وتيرتها تدريجياً على وقع النزاع في سوريا المجاورة منذ 2011.
وسجّل لبنان رسمياً حتى الآن 672 إصابة بالفيروس بينها 21 وفاة.
وتعمل الحكومة على وضع خطة اقتصادية “إنقاذية” تثير انتقادات كثيرة حتى قبل إقرارها. وتقدّر السلطات حاجة لبنان اليوم إلى أكثر من 80 مليار دولار للخروح من الأزمة والنهوض بالاقتصاد، من ضمنها ما بين 10 إلى 15 مليار دولار على شكل دعم خارجي خلال السنوات الخمس المقبلة.